بعد الانتهاء من مناسك الحج أو العمرة تكون الفرصة سانحة لبعض شركات ووكالات السياحة لتحقيق أرباح إضافية من جيوب الحجاج والمعتمرين، مستغلين فيضان عواطفهم وأشواقهم للأراضي المقدسة التي وطأت عليها أقدام النبي، صلى الله عليه وسلم، والصحابة والآل الكرام، لكن الكثير من تلك الشركات يوقع الحجاج والعمار في الشركيات والضلالات، فكيف يتم ذلك؟!. توسيع جدول الرحلة هو الوسيلة الأبرز، حيث تعلن الشركة السياحية تنظيم زيارات لمساجد وقبور ومواقع أثرية شهيرة، لا سيما في جدة، لقربها من المطار الذي يغادر منه الحجاج والعمار. وبعد الفراغ من أداء مناسك الحج أو العمرة تتجه مركبات النقل الجماعي الخاصة بتلك الشركات والوكالات إلى محافظة جدة، لزيارة "مقبرة أمنا حواء" وأيضاً مسجد "الرحمة" – فاطمة سابقاً- ، وكذلك دوار الدراجة وغيرها من المواقع. "تواصل" وقفت على اصطفاف مركبات نقل جماعي تابعة لشركات ووكالات سياحية، وقد ترجل منها الحجيج نساء ورجال من جنسيات أسيوية مختلفة متجهين نحو "مقبرة أمنا حواء" بحي العمارية وسط جدة، وكان لعمالة المقبرة دور في منعهم من الدخول للتبرك والصلاة وأيضاً التصوير، لكنهم لم ييأسوا ولجأوا إلى استخدام الأشجار والنخيل المجاور للمقبرة طريقاً للصعود فوق سورها، وشرع بعضهم بترديد بعض الألفاظ غير المفهومة، وانحنى بعض كبار السن إلى البكاء والدعاء مستقبلين المقبرة، بينما اكتفت بعض النساء بالمسح على سور المقبرة ومسح أجسادهن. وذكر أحد المسؤولين بمقبرة أمنا حواء ل"تواصل" أن هذه المشاهد والطقوس يقابلونها طوال فترة موسم الحج والعمرة، متهماً الشركات والوكالات السياحية باستغلال جهل بعض الحجاج والمعتمرين، وذلك بتضليلهم وتزويدهم بمعلومات تفيد بوجود قبر أمنا حواء داخل هذه المقبرة، كما أنهم يعتقدون في بركة تراب هذه المقبرة، موضحاً أنَّ المحاولات التي ييذلها بعض الدعاة والمسؤولين وفاعلي الخير في نصح الحجاج والمعتمرين لا تجدِ نفعاً في ظل وجود مصادر للمعلومات الخاطئة في بلدانهم، والتي يأتون بها إلى الأراضي المقدسة لتستغلهم شركات ووكالات السياحة، وتضيفها ضمن جدول الرحلة للحرمين الشريفين. واستطرد قائلاً : "جدول رحلات الحجاج والمعتمرين مليئ بالضلال والكذب، فهناك عدد كبير من الحجاج الآسيويين خصوصاً يزورون مسجد الرحمة للتبرك به، والذي يقع على كورنيش جدة، حيث كان يسمى باسم مسجد فاطمة، نسبة لوالدة أحد رجال الأعمال في جدة، إلا أنّّ الحجاج والمعتمرين يعرفونه باسم مسجد (فاطمة الزهراء) نسبةً لفاطمة ابنة محمد – صلى الله عليه وسلم- بينما لم تعرف علاقة لابنة رسول الله بالمسجد". بدوره، طالب أحد قدامى سكان حي العمارية المجاورين للمقبرة، أنه يجب على الجهات ذات العلاقة محاسبة تلك الشركات والوكالات والتي تستغل جهل بعض الحجاج والمعتمرين، مشيرا إلى أنَّ سكان الحي قد اعتادوا على وجود الحجاج والمعتمرين بجانب المقبرة منذ عشرات السنين. وذكر شهود عيان ل"تواصل" عن استمرار وجود مظاهر للتبرك والصلاة والدعاء بداخل دوار الدراجة بحي الفيصلية، شمال جدة، مشيرين إلى استمرارية هذه المظاهر منذ سنين طويلة، متهمين الشركات بالترويج التجاري لهذا الموقع بأوهام وأساطير غير عقلانية، في حين أنَّ الحجاج والمعتمرين يصرون على زيارة مثل هذه المواقع بجهل منهم، لإكمال الرحلة الدينية. من جانبه، قال مدير المكتب التعاوني للدعوة والإرشاد وتوعية الجاليات بالحمراء والكورنيش ووسط جدة، الشيخ محمد سالم بصفر ، ل"تواصل" إنَّ المكتب على استعداد لتوفير دعاة بلغات مختلفة للمساعدة في نصح الحجاج والمعتمرين، في حال طُلب منه، مؤكدا على مسؤولية مركز الدعوة والإرشاد لوجود دعاة رسميين لديهم ويقومون بهذه المهمة، مشيرا إلى الدور الملموس للجنة التوعية الإسلامية في الحج. وأشار مدير المكتب إلى امكانية أن تساهم وزارة الحج والعمرة، في هذا العمل عبر توجيه مؤسسات الطوافة وشركات الحج والعمرة للقيام بتثقيف حجاجهم ومعتمريهم وبيان ما يقومون به من أخطاء وذلك قبل وصولهم المملكة.