أسهم عيد الأضحى المبارك في إبراز الموروث الشعبي المتنوع في منطقة جازان، بوصفة مناسبة اجتماعية يحرص الأهالي على إحياء تراث الآباء والأجداد وما تزخر به المنطقة من عادات وتقاليد أصيلة خلاله في إطار تاريخ المنطقة العريق من أجل اطلاع الأجيال على هذا الموروث الأصيل. ويحرص أهالي جازان خلال العيد على إعداد الأكلة الشعبية "المحشوش" أو ما يُعرف ب"الحميس"، إذ اعتادت النسوة منذ القدم على إعداده من لحوم وشحوم الأضاحي، وتجهيزه للطهي بعد تقطيعة وتحضير البهارات المناسبة وتوفير إناء الطبخ المصنوع من الحجر – إن وجد – أو في إناء من المعدن. وأكلة المحشوش الشعبية من أحد وسائل حفظ اللحم التي درج على استخدامها أهالي جازان قديمًا لحفظ اللحم من التعفن لعدم وجود أجهزة تبريد آنذاك، وتوارثها عبر الأجيال في المنطقة لتصبح اليوم إحدى الأكلات الشهيرة التي يتم طهيها في عيد الأضحى من كل عام، وتتكون من اللحوم والشحوم التي يتم الحصول عليها من الأضحية والبهارات، حيث يتم تقطيعها إلى قطع صغيرة، ويتم طهيها مباشرة بعد تقطيعه، والبعض يفضل تركها لعدة ساعات أو لليوم الثاني كما يُفعل قديماً ثم يُبدأ بطهيه. وتطهى أكلة المحشوش في إناء حجري أو معدني، حيث تتم إذابة الشحم ومن ثم يوضع اللحم على دفعات، ثم يوضع عليه مزيج من خليط البهارات التي تم تحضيرها مسبقاً، التي تحتوي على الكركم والهيل والفلفل الأسود وغيرها من البهارات الشعبية التي تزكي الطعم، ويترك على النار لعدة ساعات مع تحريكه من بين الحين والآخر. وبعد ذلك يتم تفريغه في إناء آخر مصنوع من الفخار والاحتفاظ بجزء من الدهن الذي يطلق عليه أهل المنطقة "الصليل" لاستعماله في تحضير بعض الأكلات الشعبية الأخرى وفي الطبخ، ويفضل تقديم أكلة المحشوش مع الوجبات اليومية كطبق جانبي. ويتميز المحشوش بتجمده وبقائه لفترات طويلة تصل إلى عدة شهور مع احتفاظه بنكهته ومذاقه الذي لا يتغير.