فيما تواصل قناة الجزيرة نشرها لوثائق سرية تتعلق بالمفاوضات الفلسطينية الإسرائيلية؛ تواصلت ردود الفعل الفلسطينية والإسرائيلية والغربية علي الوثائق التي بدأت قناة الجزيرة القطرية بثها حول مفاوضات السلام مع إسرائيل، حيث نفي مسئول كبير في السلطة الفلسطينية أمس صحة هذه الوثائق. وقال صائب عريقات رئيس دائرة شئون المفاوضات في منظمة التحرير- في تصريحات إذاعية- إن ما نشرته قناة الجزيرة الفضائية القطرية أمس الأول ليس سوي أكاذيب وأنصاف حقائق. وذكر عريقات أنه في الوقت الذي نذهب فيه إلي مجلس الأمن الدولي لاستصدار قرار ضد الاستيطان رغم معارضة الولاياتالمتحدة, وفي الوقت الذي نرفض فيه المفاوضات في ظل الاستيطان, تنشر هذه الوثائق فما هو المغزي منها وما هو سبب توقيتها ولمصلحة من؟ إنها أكاذيب وأنصاف حقائق. ونفي عريقات الكثير من المعلومات التي وردت في التقارير التي بثتها الجزيرة بما فيها الحديث عن تنازلات في القدس واللاجئين الفلسطينيين, مضيفا أنه لم يحدث أن تحدثنا مع الجانب الإسرائيلي إطلاقا عن أية أعداد للاجئين. وفي واشنطن قالت وزارة الخارجية الأمريكية أن الولاياتالمتحدة لا يمكنها تأكيد صحة هذه الوثائق وأنها ما زالت تركز جهودها علي تحقيق حل الدولتين, وقال الناطق باسم الخارجية الأمريكية أن الولاياتالمتحدة ستواصل العمل مع جميع الأطراف بهدف تقليص الفجوات حول القضايا الجوهرية. وفي تل أبيب نفي رئيس الوزراء الإسرائيلي الأسبق إيهود أولمرت ما أوردته الجزيرة من وثائق, وقال إن التقرير يتضمن العديد من المغالطات, والتصريحات التي نشرت غير صحيحة. وفي لندن, ذكرت صحيفة الجارديان البريطانية أن المفاوضين الفلسطينيين وافقوا سرا علي قبول ضم إسرائيل لجميع المستوطنات التي بنيت بصورة غير قانونية في القدسالشرقيةالمحتلة ما عدا واحدة فقط. وقالت الصحيفة في تقرير علي موقعها علي الانترنت تحت عنوان وثائق سرية تكشف عن الموت البطئ لعملية السلام في الشرق الأوسط إن هذا المشروع الذي لم يسبق له مثيل ويعد واحدا من سلسلة من التنازلات من شأنه أن يسبب صدمة في أوساط الفلسطينيين وفي العالم العربي ككل. COLOR=#BC0C01التنازلات وحرج عباس الوثائق المسربة لم تكتفي بتسجيل غضب الشارع الفلسطيني بل أيضا وضعت رئيس السلطة المنتهية ولايته محمود عباس في حرج بالغ بعد أن أظهر تناقض تصريحاته العلنية مع ما يتعهد به مسؤولوه سرًا، بالتنازل عن مساحات شاسعة من القدسالشرقيةالمحتلة عام 1967، وتقديم تنازلات "غير مسبوقة" في الحرم الشريف. وكشفت مصادر دبلوماسية مطلعة، أن عباس طلب من مصر التدخل لدى أمير قطر الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني من أجل التوقف عما ادعى أنها "محاولة لتشويه صورة السلطة الفلسطينية أمام الرأي العام العربي"، على الرغم من أن السلطة – وكما يقول- قد أطلعت جميع الدول العربية على جميع تطورات المفاوضات مع الكيان الصهيوني في جميع مراحلها. ورغم تأكيد أعضاء من حركة فتح ومنظمة التحرير على صحة الوثائق ورغم أيضا تأكيدها من قبل وسائل إعلام عالمية وباعترافات مؤكدة من بعض الأشخاص الذين تتضمنهم الوثائق، إلا أن مصادر أفادت أن مصر أبدت دعماً لموقف عباس وفريقه الساعي لتطويق هذه الأزمة، والعمل معها على التأكيد على أن هذه التسريبات هي محض افتراء على السلطة الفلسطينية التي لم تقدم بحسب وجهة نظر مقربين من عباس تنازلات ذات قيمة خلال المفاوضات المباشرة وغير المباشرة مع الكيان الصهيوني. وقال السفير رخا أحمد حسن، مساعد وزير الخارجية المصري السابق إن هذه الوثائق أوقعت السلطة الفلسطينية في حرج بالغ، بعد ما كشفته من تنازلات من جانب المفاوضين الفلسطينيين، وخاصة فيما يتعلق بالمستوطنات "الإسرائيلية" بالقدس والحرم القدسي الشريف، وهذا ما يفسر حالة التوتر التي ظهر عليها مسئولو السلطة خلال الساعات الأخيرة بعد كشف "الجزيرة" عن الوثائق. وأشار إلى إمكانية تدخل أطراف عربية، ومن بينها مصر، من أجل منع تصاعد التوتر بين قطر والسلطة، بعد أن وجه المسئولون الفلسطينيون اتهامات إلى الدوحة بالوقوف وراء تسريب تلك الوثائق. وأعرب عن اعتقاده بأن هذه الوثائق ستكون لها تداعيات سلبية على السلطة، ولاسيما في الداخل الفلسطيني، حيث ستثير هذه التسريبات تساؤلات حول استراتيجيتها فيما يتعلق بإدارة ملف المفاوضات. ورجح مساعد وزير الخارجية السابق أن تسعى سلطة عباس في مواجهة ذلك إلى الحصول على دعم عربي خلال الأزمة، والإشارة إلى أنها عرضت جميع مراحل المفاوضات على الدول العربية، وهو ما اعتبره يعكس رغبتها في إيجاد غطاء عربي يجنبها مزيدا من الانتقادات. وكان عباس الذي تفاجأ ببث الوثائق خلال تواجده في مصر قد سعى للتخفيف من وقع الصدمة التي أثارتها الوثائق المسربة، بقوله في تصريحات بعد استقبال الرئيس حسني مبارك له: " أنه لم يعرض على الكيان الصهيوني سراً تنازلات"، وأضاف أن "كل محادثاته مع الصهاينة تم شرحها بالكامل للدول العربية وان هذا مدعوم بالوثائق". COLOR=#BA0702ديوان أمير قطر متهم من جهة أخري وفي سياق متصل اتهمت مصادر في السلطة الفلسطينية، موظفًا سابقًا في مكتب كبير المفاوضين الفلسطينيين صائب عريقات، يعمل حاليًا في ديوان أمير قطر، بسرقة وتسريب "الوثائق السرية" التي تبثها قناة الجزيرة. وقالت المصادر: إنّ الموظف كان يعمل في دائرة شؤون المفاوضات في منظمة التحرير الفلسطينية في رام الله بالضفة الغربية، وتم إنهاء خدماته قبل سبعة أشهر. وأضافت المصادر إنّ المُشتبه به فرنسي الجنسية من أصل فلسطيني، ويعمل حاليًا "في ديوان القصر الأميري في قطر"، وقال مسؤول فلسطيني إنّ المشتبه بتسريبه الوثائق "محام قوي جدًا ومتمكن". وأضاف: أنّه تم التخلي عن خدماته "إثر قرار بتعريب دائرة المفاوضات، أي إحلال موظفين فلسطينيين وعرب مكان الأجانب". وكانت قناة الجزيرة بدأت مساء الأحد ببث مئات "الوثائق السرية" المتعلقة بالمفاوضات الفلسطينية الإسرائيلية، تناولت الدفعة الأولى منها ما وصفته المحطة القطرية ب "التنازلات"، التي قدمها المفاوض الفلسطيني فيمّا يتعلق بالقدس واللاجئين.