أخذت السلطة الفلسطينية تحشد قواها الخفية والظاهرة لمواجهة الأضرار الناجمة عن نشر بعض الوثائق السرية على شاشات قناة الجزيرة القطرية، ووصلت إلى حد الاتهام بالتآمر ضد النضال الفلسطيني من أجل الاستقلال. وتزايدت مشاعر الغضب بين الفلسطينيين بعدما عمدت القناة إلى نشر وثائق تتعلق بمفاوضات السلام الفلسطينية الإسرائيلية خلال العقد الماضي. وقد تؤدي الوثائق المسربة، وهي محاضر اجتماعات بين مسؤولين فلسطينيين وإسرائيليين وأمريكيين، لم يتسن التأكد منها بصورة مستقلة، إلى إضعاف الموقف السياسي لرئيس السلطة الوطنية محمود عباس، الذي أكد مرات عديدة تمسكه بالثوابت. وأظهرت السجلات المسربة، أن كبير المفاوضين الفلسطينيين صائب عريقات، «قد اقترح حلا غير مسبوق لتقسيم القدس والتخلي عن الحرم الشريف، وإخضاعه للجنة دولية مقابل السيادة على مساحات أكبر من المدينة القديمة في القدس». ومن جملة ما كشفت عنه هذه الوثائق العرض الفلسطيني للإسرائيليين بالتخلي عن مطالبهم بوقف بناء المستوطنات في القدسالشرقية، والتشارك في السيطرة على مناطق حساسة بما فيها منطقة المسجد الأقصى، وفرض شروط على عودة اللاجئين، وهي تفاصيل وضعت الجانب الفلسطيني في موقف حرج. وفيما يتواصل كشف هذه الوثائق، التي تعتبر مدمرة أكثر من وعد بلفور، زعم كبير المفاوضين صائب عريقات أن مواطنا أمريكيا يعمل لصالح قناة الجزيرة، وآخر مسؤول سابق في المخابرات البريطانية ومسؤول في الأممالمتحدة حاليا، هما من قام بتسريب وثائق الشرق الأوسط السرية. من جهته، أكد الجانب الفلسطيني عزمه إقامة لجنة تحقيق حول هذه الوثائق التي تهدف، برأي السلطة، إلى زعزعة الوضع بشكل عام. ورغم أن الجمهور الفلسطيني منقسم إزاء الجزيرة، إلا أن كثيرين يعتقدون أنها بالغت في تغطيتها للوثائق التي جاءت في وقت تحاول فيه السلطة إقناع العالم الاعتراف بالدولة الفلسطينية. وفي بيان أصدرته الشبكة، قالت الجزيرة إنها تعلم الجدل الذي ستثيره مثل هذه الوثائق، إلا أن هدفها الرئيسي هو كشف الحقيقة لا إخفاؤها. ويرى بعض المتابعين أن الطريق الوحيد أمام السلطة الفلسطينية للخروج من هذا المأزق هو إدارة شؤونها من موقف قوي وإنهاء الفرقة بين حماس وفتح.