هل يصدّق عاقل أن تبلغ بنا الغفلة وتبلّد الإحساس والمشاعر وجمود العيون أن نرى تلك الأشباح وهي تترنّح تستجدي محسناً ليجود عليها بكسرة خبز أو شربة ماء، أو أنها تنازع سكرات الموت دون أن يتحرّك فينا ضمير أو تسيل لنا عبرة !؟. كيف يمكن أن نجمع بين صورتين فيهما من التناقض مثل ما بين المشرق والمغرب !؟. الصورة الأولى لذلك البذخ، بل والسّفه والهياط الذي بلغ عند بعضنا حداً لا يمكن وصفه بحال من الأحوال!. أما الصورة الثانية فلتلك الأجساد المتهالكة والجثث المتناثرة للإنسان والحيوان في فيافي وقفار بلد إسلامي لا تجد من يدفنها ويسترها وهي والله ليست بعيداً عنّا !. ألم تروا ذلك الرجل الغربي الذي كان يغطي بعض المناظر المأساوية في الصومال بكاميرة التصوير وبجانبه امرأة غربية وقد انفجرت باكية لمنظر أولئك الأولاد الذين قد انكشفت عوراتهم وضمرت أجسادهم وهم ممدّون على الأرض ينتظرون الموت !؟؟. ما عذرنا عند الله يا عباد الله ؟. بماذا نجيبه حين يسألنا عما قدّمنا لإخواننا وقد قال في محكم التنزيل : { إنّما المؤمنو إخوة }؟. واحسرتاه على تقصيرنا في حقّ أنفسنا أولاً ثم في حق إخواننا. هل نظنّ أننا سنبقى في مأمن من عقوبة الله مع هذا الخذلان لإخواننا ؟. أعلم أن في الأمة خير كثير لكنّها بحاجة لمن يفتح لها الطريق ويسهّل لها الصعاب ويعطيها الغطاء القانوني حتى لا يُتّهم أفرادها العاملون بما ليس فيهم وحتى نقطع الطريق على كلّ مفسد وحاقد. إنّ مسارعتنا في إنقاذهم وإغاثتهم هي من أعظم وسائل بقاء النعمة التي نحن فيها بل وزيادتها. إنها دعوة خالصة وصادقة من القلب لوُلاة الأمر ومن بيدهم الحلّ والعقد وللموسرين ولجميع المسلمين وبخاصة أبناء الحرمين أن يغيثوا وينقذوا إخوانهم قبل أن يبتلينا الله كما ابتلاهم . أحمد بن محمد الغامدي 21 جمادى الآخرة 1438 ه