ربما نعيب فوادح قراءة القرآن الكريم على كثير من كهول الفرق المخالفة , و" الرافضة" على وجه أخص!، وذلك بسبب ادعاءاتهم المتكررة بصلاح دينهم ، وأنه الحق الذي من خالفه كان في حكم المرتدين!. يقول شيخهم محمد حسن النجفي: "والمخالف لأهل الحق كافر بلا خلاف بيناً ". (1) بينما إذا نظرت لأبسط معالم ذلك الدين الحق الذي يزعمون فتجدهم: لا يصلون صلاة صحيحة كما يصلي المسلمون ولا يتلون القرآن الكريم تلاوة متقنة كما يجيدها طفل في الخامسة عند أهل السنة!!، ولا غرابة في ذلك فمن صد عن الكتاب واستبدله بخزعبلات يسمونها مصاحف ( أخفاها أهل السنة ) لا عجب أن ينصرف عن كل ما هو حق صغيراً أو كبيراً. ليست هذه قضيتي في هذه السطور وإن كانت حقيقة!، إنما قضيتي سأخصصها لأمر أعظم .. غير متوقع وصادم حد " الفجيعة "!، وهو أن تجد بعض إخواننا وأخواتنا وخاصة في بعض القرى النائية "لا يحسنون" تلاوة القرآن الكريم!، لا أقول في المدارس ومحو الأمية!، إنما في التعليم العالي .. "الجامعات وملحقاتها " ! وعلى المستوى الشخصي: أحرجني كثيراً تدريس مادة التلاوة لبعض الطالبات، وإن كان قد أثلج صدري الكثير من النماذج التي أعتز وأفتخر أنهن من بنات أمتي ممن أُعطين من مزامير داود أو في أقل حالات البعض الآخر منهن "محسنات للتلاوة"، إلا أن البعض الآخر أدمى قلبي وقلوب من اشتكين الحال من الزميلات، ولولا خشية الجرأة على تحريف آي الكتاب لكتبت لكم نماذج من الأخطاء المفجعة التي تجعل من وكل إليه تدريس التلاوة في هذه المراحل: يحتار في أمره ما الذي سيقدمه لطلابها!، والحيرة الثانية في عدد الساعات القليلة "ساعتين" في الأسبوع فقط يلتقي فيها بعدد كبير من الطلاب بعضهم لا يحسن التلاوة!، كما أنه يرى جهوده في تعليم القرآن الكريم لا أثر لها عندما يسمع منهم ما علمهم!. هذا المشهد المتكرر: يجعل البعض يتفوق على صدمته بابتكار الحلول لمناسبة والاجتهاد الحثيث لحلول تشجيعية في "محاولة" أقول "لمحاولة" تحسين الوضع خاصة إذا كان متخصصاً وملزم بتدريس المادة!. والبعض الآخر – ولعلي سألحق بهم – يفضل التفرغ لتدريس تخصصه الدقيق ويعتذر عن طلبات سد العجز في تدريس التلاوة، لأنه يدرك أن "بعض" هؤلاء غير المحسنون للتلاوة لن يستجيبوا لأي محاولة تحسين للمستوى وسينصرفون عنها رغم سهولة تحسين الأداء وذلك بالاستماع للكثير من التسجيلات التي يسهل الاستماع حتى وهم غارقون في متصفحاتهم الإلكترونية. ورغم هذا الإحباط الذي يحيط بأستاذة التلاوة خاصة، والأساتذة المتطوعون عامة، والواقع المرير في عدد الساعات القليل لتدريس أعظم ما يدرس على الإطلاق: إلا أن الجهود لابد أن تتضافر من مدرسي التلاوة، والإعانة لهؤلاء الطلاب ستكون حتمية لمن وفق في حسن العمل على نفسه منهم، لأنه من المخجل أن يحسن بعض النصارى واليهود قراءة القرآن وقد لمس ذلك في استشهاد بعضهم بآيات القرآن في المناظرات ونحوها، بينما لا يحسن بعض المسلمون التلاوة سواء على مستوى اللحن الجلي أو ما عظم وخف عنه حتى في بعض قصار السور !. وعلى الطالب المسلم في أي مرحلة عمرية أو تعليمية أن يجتهد في إصلاح هذا الخلل العظيم ببذل المزيد من الجهد والبحث عن سبل العلاج الميسورة بحمد الله، إما بالالتحاق بمراكز التعليم الخاص كالمعاهد والتحافيظ، أو التعليم الذاتي بالاستماع للأشرطة التعليمة أو قنوات التواصل الاجتماعي التي تتوفر بها كل المقاطع الميسرة لتعليم التلاوة، أو الاستماع المستمر لإذاعة القرآن الكريم، والبرامج المتخصصة في تعليم التلاوة، المهم هو: أن يدرك الإنسان نفسه قبل أن يلقى ربه بهذا التقصير العظيم. وكلنا نتساءل عن دور المدارس في الاهتمام بتلاوة الطلاب منذ نعومة الأظفار !!، كيف يصل الطالب لهذه المرحلة المتقدمة وتلاوته غير متقنة إلى هذا الحد!، لابد من إعادة النظر وبذل الجهود في الارتقاء بمستوى الطالب وحسن تعليمه لكتاب ربه سبحانه وتعالى. جاء هذا الحديث اغتناما للشهر الفضيل شهر القرآن: فبدلاً من أن يجتهد غير المتقن بالتلاوة، يخصص وقتا لتعلم حسن التلاوة فيؤجر ولا يؤزر ويقرأ كتاب ربه على بصيرة ، ولا عذر سيطاله إن أهمل ذاته وشب فشاب على هذه الجريمة بحق النفس والدين ، فنحن أمة القرآن وأي عزة سننتظر إذا لم نتعلم كتاب ربنا ونفهمه كما نُزّل!، بل هو الأمر المخجل الذي لن تزول صورته في نفس كل مقصر بهذا الجانب. فلنغتنم أوقات هذا الشهر المبارك المتزامن مع الفراغ من الدراسة لمعظم الطلاب، والكلام لا يخص الطلاب وحسب بل كل مسلم يستطيع أن يرتقي بنفسه في التلاوة الصحيحة. *.هنيئا لمعلم ومتعلم القرآن فقد قال صلى الله عليه وسلم:" خيركم من تعلم القرآن وعلمه" (2) (1) جواهر الكلام (6/ 62) ط دار إحياء التراث العربي – بيروت -: (2) صحيح البخاري:ج4/ ص1919