يقولون إن القيادة الإدارية فن وعلم لا يتقنه أي شخص؛ لذا تجد أن هناك الكثير من الجهات والأجهزة في الدول المختلفة وخاصة من تمتهن العمل الاحترافي تعمل الكثير من الفحوصات والمقابلات حتى تصل إلى القيادي الناجح الذي من خلاله تحقق أهدافها، لأن المنطق يقول إذا كان لديك رُبّانٌ ماهر فستصل السفينةُ إلى بَرِّ الأمان. منظماتُ الأعمال من شركات وأجهزة مختلفة تركز وتسلط الضوءَ على مفهوم القيادة الإدارية وأهميتها والعوامل المؤثرة فيها، والسبل التي تعمل وتساعد على التغيير والنجاح مع العملاء والشركاء والتكيّف مع الظروف والأوضاع الجديدة. كل هذه الأمور أشياء ونقاط يتم التركيز عليها بشكل مهم من أجل الجانب المادي والربحي، ولكن هناك الكثير يؤكدون أن التغيير المادي وحده -بالرغم من أهميته- لم يعد يحقق النتائج المرجوة من التغيير، فمن الضروري على قيادة المنظمة لمواكبة التغييرات الجديدة للمنظمة، إحداث تعزيز وتطوير لسلوكيات مرؤوسيهم، حتى تتواءم هذه السلوكيات مع النشاطات الجديدة للمنظمة، وهو ما يعني تغيير ثقافة المنظمة لتحقيق نجاح عملية التغيير نحو تطوير ونجاح عمل المنظمة. ومن أهم عمليات التغيير هنا والذي يراه الكثير أنه الفاصل والعامل الأول للنجاح هو التعامل مع المرؤوسين وكيفية بناء علاقة أسرية بين الرئيس ومرؤوسيه، خاصة وأن مفهوم القيادة الإدارية كما عرَّفها المهتمون بالموارد البشرية هو: (عبارة عن علاقات بين قائد ومقودين، فالقائد هو الذي يُصدر الأوامر والمرؤوسون هم الذين ينفذون أمرَ قائدهم بالعمل الذي يوصلهم لتحقيق الأهداف التي يسعون إليها). فكيف يمكن أن يتم هذا في ظل علاقة متوترة بين القائدة ومَن يعمل في محيطه. وهناك من يقول إن القيادة هي نوع من المقدِرة أو المهارة في التأثير على المرؤوسين بحيث يرغبون في أداء أو إنجاز ما يحدده القائد، وهناك من يقول إنها قُدرة الفرد في التأثير على شخص أو مجموعة وتوجيههم من أجل كسب تعاونهم وتحفيزهم على العمل بأعلى درجة من الكفاية في سبيل تحقيق الأهداف الموضوعة. لُبّ الحديث أن نجاح القائد ليس في إصدار الأوامر من على كرسيه الدوّار من دون أن يكون له مشاركة ودية مع زملائه والتنازل عن البرج العاجي الذي وضع نفسَه فيه، بل عليه أن يختلط مع الجميع ويبني علاقة ودية صادقة ويترك المجال للمبدع أن يبدع والمنجز أن ينجز وأن ينسب كل إنجاز لصاحبه؛ لأن للأسف هناك مَن ينسبون نجاحات موظفيهم لهم أمام القيادات العليا، بينما مَن يُنجزون ويعملون من الموظفين في الدرجات الدنيا من السلّم الوظيفي في الظل، وسيبقون في الظل ما دامت هذه العينة من المسؤولين يسيطرون على دفة القيادة لخدمة أهدافهم والصعود على أكتاف الآخرين. أتحدث مع صديق يعمل في أحد القطاعات يؤكد في حديثه أنهم في الشركة مهما تنجز، ومهما يكون عملك فإن تقييمك السنوي يُحبطك؛ لأن مديريهم يحددون من يحصل على تقدير ممتاز شخص واحد أو اثنان بينما البقية أقل وإن كانوا أفضل في الأداء وذلك حسب العلاقات والمحسوبية، وآخر يقول الدورات التدريبية والحوافز تذهب حسب العلاقة والقرابة. وفي سياق هذا الحديث أرى شخصياً أن هناك قياديين وصلوا إلى مراكزهم -بصريح العبارة- بالعلاقة والواسطة، وهذا هو بلاء منظمات الأعمال سواء خاصة أو حكومية، وليس لدينا من الإجراءات الخاصة باختيار القياديين التي ذكرتها في بداية المقال التي تقوم بها الجهات المهنية والمحترفة في اختيار قياديها، وكل ما لدينا هنا اقطع لي وأقطع لك، وفي النهاية تجد مدير جهاز أو مدير إدارة أو رئيس قسم لا يجيد سوى التوقيع على المعاملة.. الأخ الزميل.. لإكمال اللازم وبعدها تعود له المعاملة جاهزة حيث يرفعها لمن هو أعلى منه بتوقيعه الذهبي وكأنه مَن قام بكل ذلك. ختاماً أُذكِّر مَن هم في تلك الأبراج العاجية أنَّ كل مسؤول راعٍ، وهو مسؤول عن رعيته ومحاسَب أمام الله في إقرار العدل والمساواة.