منذ الساعات الأولى شهد المسجد الحرام وساحاته وممراته وأدواره المتعددة وجنبات التوسعة السعودية الثالثة حشود المصلين الذين قدموا لأداء صلاة الجمعة في المسجد الحرام وسط منظومة متكاملة من الخدمات والترتيبات التي أعدتها الرئاسة العامة لشؤون المسجد الحرام والمسجد النبوي لاستقبال المصلين والحجاج والعمّار وقد كثفت كافة الإدارات التوجيهية والخدمية والفنية جهودها لاستقبال قاصدي البيت العتيق ومتابعة تدفق الحشود والتأكد من انسيابية الحركة والأمن والسلامة، والدخول من الأبواب المخصصة مراعاةً للزحام، وتوجيههم للأبواب والمساحات الأقل كثافة. وقد استهل فضيلة الشيخ الدكتور ماهر بن حمد المعيقلي خطبته قائلاً: فأوصيكم أيها الناس ونفسي بتقوى الله – فاتقوا الله – رحمكم الله – ، واشكروه على نعمه التي لا تعد ولا تحصى ؛ أمة الإسلام – حجاج بيت الله – نودي في الناس في السنة العاشرة من الهجرة النبوية بأن النبي صلى الله عليه وسلم يريد الحج هذا العام فقدم إلى المدينة بشر كثير , كلهم يلتمس أن يأتم برسول الله صلى الله عليه وسلم في حجه , ويعمل مثل عمله , والنبي صلى الله عليه وسلم يؤكد ذلك في يوم النحر بقوله " لتأخذوا مناسككم و فإني لا أدري لعلي لا أحج بعد حجتي هذه " رواه مسلم . وأضاف فضيلته " أن النبي صلى الله عليه وسلم حرص على بيان الإخلاص فيقول ( اللهم حجة لا رياء فيها ولا سمعة ) , وقد أهل صلى الله عليه وسلم بالتوحيد :(لبيك اللهم لبيك , لبيك لا شريك لك لبيك , إن الحمد والنعمة لك والملك , لا شريك لك ) هذه تلبية النبي التي لزمها إهلال بالتوحيد , وهي شعاراً الحاج ,لا مجال يا عباد الله للشعارات الطائفية , ولا للدعوات السياسية , فما جعل الطواف بالبيت ولا رمي الجمار ولا الوقوف بعرفة ولا المبيت بمزدلفة ولا السعي بين الصفا والمروة إلا لذكر الله وحده لا شريك له . كما حرص صلى الله عليه وسلم في حجة الوداع على تعليم الناس أمر دينهم وتحذيرهم من الغلو فيه ( يا أيها الناس إياكم والغلو في الدين , فإنه أهلك من كان قبلكم الغلو في الدين ). وأردف فضيلته بأن يذم النبي صلى الله عليه وسلم الغلو كله ,سواء كان في الاعتقاد أو القول أو العمل , فبسببه سفكت الدماء واعتدي على الأموال والأعراض . وأشار فضيلته أنه في أيام الحج المباركات قام فيهم النبي خطيباً في وسط أيام التشريق ليؤكد معنى المساواة الحقيقة ويضع عنهم دعوى الجاهلية فقال :( يا أيها الناس , ألا إن ربكم واحد , وإن أباكم واحد , ألا لا فضل لعربي على عجمي ,ولا لعجمي على عربي ,ولا أحمر على أسود , ولا أسود على أحمر , إلا بالتقوى , أبلغت ؟ , قالوا :بلغ رسول الله ). رواه الإمام أحمد . ومن دروس حجة الوداع بيان رحمة النبي صلى الله عليه وسلم ورفقه , فحري بحجاج بيت الله الحرام , امتثال أمر نبيهم , فالسكينة السكينة والرفق الرفق وفي صحيح مسلم , قال صلى الله عليه وسلم (إن الرفق لا يكون في شيء إلا زانه, ولا ينزع من شيء إلا شانه). معاشر المسلمين : إن من فضل الله تعالى علينا أن بلغنا أيام العشر , التي أقسم بها في كتابه فقال (والفجر وليال عشر) , ويتأكد في هذه الأيام ، صيام يوم عرفة لغير الحاج، فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: "صيام يوم عرفة، أحتسب على الله أن يكفر السنة قبله، والسنة التي بعده" . ويؤكد فضيلته على قول النبي صلى الله عليه وسلم ( من أراد أن يضحي ، فليمسك عن شعره وأظفاره، من رؤية هلال شهر ذي الحجة إلى أن يذبح أضحيته ). وفي ختام الخطبة نوّه فضيلته بفضل أعمال الخير في هذه الأيام المباركات :" وإن من الأعمال الصالحة الجليلة في هذه الأيام، خدمة حجاج بيت الله الحرام فخدمة وفد الرحمن يا عباد الله، دليل على شرف الاصطفاء , وعظيم الاجتباء , وقد خص الله به بلاد الحرمين , المملكة العربية السعودية , فقامت به خير قيام , من تهيئة المشاعر , وعمارة للمسجد الحرام , ليتم الحجاج مناسكهم في أمن وأمان , وراحة واطمئنان , فجزى الله خيراً كل من عمل في خدمة ضيوف الرحمن , وبارك فيه ووفقه , وأعانه وسدده .