خلال مئات القرون السابقة كان أغلب ما يتطبب به الإنسان هو الأعشاب وشيء من الحجامة والكي والفصد، بالإضافة إلى طرق أخرى مثل الإبر الصينية والعلاج باليوجا والمساج… الخ ولكن مع تطور البشرية عبر القرون أصبح هناك مراكز لتعليم من يمارسون الطبابة التي أصبحت فيما بعد تسمى "كليات الطب" وتم استخلاص الأعشاب على شكل محاليل وعبوات أصبحت فيما بعد "صناعة الأدوية" التي تحمل تركيزا معينا من المادة العشبية لعلاج مرض معين… فليس هناك شك أن الطب الحديث هو الابن الشرعي لطب الأعشاب ومما يسئ إلى سمعة كليهما عبر مر التاريخ وفي جميع أنحاء العالم شخصيتان الأولى هو "التاجر الجشع" والثانية "مدعي المعرفة والخبرة" في هذين المجالين… ولذلك عملت الدول جميعا على تفعيل المراقبة الشديدة لهذين المجالين من ناحية التراخيص وطريقة الممارسة ومراقبة الأداء. محليا أصبحت بعض أماكن العطارة التي من المفروض أن تكون محصورة في بيع التوابل مراكز طبية لتوزيع الخلطات العشبية لعلاج جميع الأمراض بدون استثناء من الزكام إلى الأورام الخبيثة حمانا الله وإياكم منها… ورواد هذه الأماكن للتطبب غالبا من ذوي التعليم المنخفض أو ممن لا يستطيعون تحمل تكاليف العلاج لأي سبب كان فيذهبون إلى العلاج بطريقة أرخص وهم كالمستجير من الرمضاء بالنار… أو ممن أعيتهم الحيلة فلديهم مرض خبيث لم يجد له الطب الحديث علاجا فهم كالغريق يتعلق بأي شيء أمامه ظنا منه انه المنقذ… وتستطيع أن تنظر إلى هذه الفئات الثلاث بمراقبة أي محل عطارة لمدة نصف ساعة!! والمشكلة الكبرى أن الذي يشخص المرض ويعطيهم العلاج ليس معه تصريح رسمي بممارسة الطب البديل!؟ بل الأدهى والأمر أن يكون الطبيب هو العامل الوافد الذي يشتغل في تنظيف المحل وترتيب التوابل!! وبعض الناس يظن أن كل شيء من الأعشاب آمن!؟ وهذا اعتقاد خاطئ… حتى لو كان دواء… فمثلا" الديجوكسين" المستخلص من عشبة "الديجيتالا" لعلاج ضعف القلب تم تجريبه على آلاف البشر وتبين لنا أن التركيز المناسب للإنسان هو أقل من واحد من ألف من وحدة الوزن الغرام يوميا!!… وهذا يشرح معاناة الأطباء السابقين مع هذا الدواء الذي وصفوه ب"الغريب" حيث يتحسن عليه بعض مرضى القلب سريعا ولكن بعض المرضى تتدهور عليه حالتهم باستفراغ وغثيان وهلوسة ثم إغماء ثم وفاة… ولم يكن يدرك الأطباء في ذلك الوقت أن هذا الدواء المستخلص من تلك العشبة له "مستوى علاجي ضيق جدا في الدم بحيث يجب ألا يزيد عن اثنين من ألف مليون جزء من الغرام في المليلتر الواحد من الدم!! فإذا زاد تركيزه في الدم عن ذلك فيسبب تسمم الديجوكسين الذي هو أخطر من مرض القلب نفسه!! فكيف لعطار أو عامل في محل عطارة أن يقوم بهذه المعايرة!! ومن المهم معرفة أن بعض الخلطات العشبية سامة وقد تؤدي إلى فشل الكلى أو الكبد أو السرطان حمانا الله وإياكم… مثال ذلك علبة أعشاب تسمى "أعشاب العروسة" تسوّق على النساء بألوان زهرية على أنها تضيق المهبل وتقلل الافرازات ووجد أنها تحتوي على نسبة عالية من معدن الزئبق السام ولذلك فهي ممنوعة.. ويتم مخالفة من يسوّقها. لقد قامت الهيئات المعنية مثل هيئة الغذاء والدواء وصحة البيئة من البلديات وقسم الطب البديل في وزارة الصحة بجهود مشكورة في هذا المجال من ناحية تفعيل التنظيمات والقوانين الخاصة بممارسة طب الأعشاب ولكن يظل وعي المواطن وتعاونه هو حجر الأساس لأي تنظيم يهتم بصحته… ومن يريد المزيد من المعلومات أو يريد التبليغ عن مخالفة يحمي من أذاها المسلمين فيمكنه الاتصال على مركز الوطني لمعلومات الأدوية والسموم بالهيئة العامة للغذاء والدواء وهو منشور وموجود على الانترنت وموجود في مراكز الاستعلامات.. ودمتم بصحة وعافية.