يتبادل التهاني بحرارة حارقة مع أترابه وأصحابه لقدوم رمضان.. يتزاحم مع المصلين في صلاة المغرب حين الدخول وحين الخروج من المسجد الذي لا يدخله إلا لماما.. يُخرج المصحف من صندوقه المزركش وينفض الغبار عن قطيفته المزخرفة.. يقرأ فيه بلهفة متيم ضم حبيبه بين جوانحه العاشقة. يقف بجوار ذلك الفقير المجاور ليدس في يده دراهم معدودة ليقف الفقير مبهوتا مذهولا: أهذا الذي أراه في كل يوم؟!.. يصف قدميه مع جموع المصلين في صلاة التراويح.. تلك الأقدام التي لم يكد يراها في صلوات الفرائض من قبل! لكن ما أن تمر ليالي من رمضان وإذا "بحليمة تعود لعادتها القديمة"! وإذا بالبركان يخمد والعاصفة تهدأ، فينوء ظهره بأحمال ثقال كالجبال من الكسل والخمول، وكأنما رمضان – في واقع حاله – ضيف ثقيل يكفيه من الحقوق حُسن الاستقبال! عن أبي هُريرة قال: قال رسول الله – صلى الله عليه وسلم: "إذا كان أول ليلة من شهر رمضان صفدت الشياطين ومردة الجن، وغلقت أبواب النار فلم يفتح منها باب، وفتحت أبواب الجنة فلم يغلق منها باب، وينادى مناد كل ليلة: يا باغي الخير أقبل، ويا باغي الشر أقصر، ولله عتقاء من النار وذلك كل ليلة".. فأقبل يا باغي الخير أقبل؟!