بسم الله. بعد عرض المعنى الذي يشير إليه مصطلح الحقوق، وعرض الأنواع التي تندرج تحت مصطلح الحقوق، والحديث إجمالاً عن الأنظمة الحمائية التي يوفرها المنظم السعودي لهذه الحقوق، ننتقل للحديث عن السلطات والإدارات الحكومية التي أوكل إليها المنظم السعودي معالجة القضايا، والمشكلات التي يكون فيها انتهاك للحقوق. ونبدأ بالقضايا والمشاكل التي تدخل ضمن الإطار الجنائي فنقول: إن الشخص إذا واجه مشكلة تصنف على أنها اعتداء على دين أو نفس، أو مال، أو عرض، أو عقل، يجب عليه أن يبدأ بمخاطبة جهة القبض والضبط الجنائي التي جعل النظام لها صلاحيات مباشرة القضايا محل الحادث, فلو كانت القضية تتعلق ببلاغ حول وجود اعتداء أخلاقي، سواء أكان تحرشاً أم ابتزازاً فالجهة المخولة بمباشرة مثل هذا الاعتداء هي هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر, ولو كان الأمر يتعلق بمشكلة مخدرات فالجهة المخولة بمباشرة القبض هم منسوبو مكافحة المخدرات, فكلٌ له اختصاصه، ولا يصعب التعرف على أصحاب الاختصاص إذا علمنا أن التحدث عن المشكلة مع هاتف 999 سيرشدك حتماً إلى الجهة صاحبة الاختصاص وهاتفها, وهذه تعد الخطوة الأولى. وأما الخطوة الثانية، فإنها تبدأ عند هيئة الرقابة والتحقيق، وهيئة التحقيق والادعاء العام، كلٌ فيما يخصه ليبدأ التحقيق مع المتهم، وتحريك الدعوى القضائية؛ للمطالبة بالحق العام الذي يخص المجتمع. وأما الخطوة الثالثة، فإنها تبدأ عند المحكمة المختصة، واختصاص المحكمة يكون حسب جهة الادعاء التي ترفع الدعوى، فيدور الأمر بين المحكمة الجزائية، وديوان المظالم، والدوائر التأديبية. هذا ما يخص القضايا الجنائية، وأما ما يخص القضايا المدنية والتجارية فنقول: إن المرء إذا واجه مشكلة مع شخص ما، وكانت هذه المشكلة تتعلق بخلاف مالي مدني، كالخلاف على عدم تسديد أجرة محل، أو شقة، أو قرض لم يسدد في وقته أو غيرها مما هو في إطار الخلاف المالي المدني، فالمحكمة العامة هي المختصة بمعالجة هذه القضية، وأما إذا كان الخلاف يتعلق بتاجريْن في شأن تجاري فالدوائر التجارية في ديوان المظالم – والتي تتهيأ للانتقال لوزارة العدل – هي المختصة بمعالجة هذه القضية. وأما ما يتعلق بالخلاف الذي يحصل بين الموظف الحكومي ومرجعه الوظيفي: فإن المحكمة الإدارية بديوان المظالم هي المختصة بنظر النزاع، سواء أكان يتعلق بتعويض أم مطالبة بحق أو إلغاء قرار، وسواء أكان الموظف مدنياً أم عسكرياً. وأما ما يتعلق بالخلاف الذي يحصل بين الموظف في القطاع الخاص ومرجعه الوظيفي: فإن هيئات تسوية الخلافات العمالية التابعة لوزارة العمل – والتي تتهيأ للانتقال لوزارة العدل – هي المختصة بنظر هذا الخلاف والنزاع، ما دام النزاع يتعلق بحقوق تصنف بالمدنية. وأختم حديثي بالقول: إن جهات الضبط والتحقيق والجهات القضائية لا تبني قرارها إلا على الظاهر؛ لذا فتنبه إلى أمرين: 1 – احمِ حقك بالمستندات والأدلة والقرائن. 2 – ابتعد عن مواطن الشبه والمشاكل؛ لأن وجودك في مكان شبهة قرينة على ارتكاب الخطأ أو الجريمة فاحذر. وصلوا على النبي المختار د. تركي بن عبدالله الطيار قاضٍ سابق [email protected]