المجتمع المسلم جسم وبدن واحد، إذا أوذي عينه؛ أوذي كله، وإذا شكا رأسه؛ شكا كله، وحماية أجزائه حماية له، ولعل عمل – يا بني – نحسبه بسيطًا هينًا وهو عند الله عظيم. وقد ورد عنِ النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم قال: «الإيمانُ بِضْعٌ وسَبْعونَ أو بِضْعٌ وسِتُّونَ شُعبةً: فأفضلُها قولُ لا إِلهَ إلَّا اللهُ، وأدْناها إماطةُ الأذَى عَنِ الطَّريقِ، والحياءُ شُعْبةٌ مِنَ الإيمانِ». متَّفقٌ عليه. ولقد جعل الله إزالة الأذى عن طريق المسلمين صدقة؛ لأنه يتسبب في سلامة من يمر به من الأذى، فكأنه تصدق على من يمر بحمايته، وإبعاد الأذى عنه، فيحصل له أجر الصدقة. ونظافة طريق المسلمين، وإزالة الأذى عنه، وتأمين السالكين فيه، وتهيئته لراحتهم وسلامتهم، عمل لا يكلف من الجهد إلا القليل، ولا يكلف من المال كثيرًا ولا قليلًا؛ ولكنه يدل على إحساس مرهف بالآخرين، وتحمل للمسئولية الاجتماعية، ودليل على أنك تحب لأخيك ما تحب لنفسك، وتكره له ما تكره لنفسك، وتتعاون مع من تعرف ومن لا تعرف على البر والتقوى. وهناك رجل ذكره النبي صلى الله عليه وسلم، لم يقدم من الخير والمعروف شيئًا، إلا أنه نحى غصن شوك من طريق المسلمين فشكر الله له فغفر له فأدخله الجنة.. وقد قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "مَرَّ رَجُلٌ بِغُصْنِ شَجَرَةٍ عَلَى ظَهْرِ طَرِيقٍ، فَقَالَ: وَاللهِ لَأُنَحِّيَنَّ هَذَا عَنِ الْمُسْلِمِينَ لَا يُؤْذِيهِمْ فَأُدْخِلَ الْجَنَّةَ" مسلم وإن كانت إزالة الأذى عن طريق المسلمين فضيلة كبيرة؛ فإن نقيضها وهو وضع العقبات والأذى في طريق المسلمين وتعريضهم للأخطار رذيلة كبيرة. وإن كانت إماطة الأذى عن طريق المسلمين تدخل الجنة؛ فوضع القاذورات والحفر في طريقهم يدخل النار. وقانا الله وإياك النار.. وجعلنا من أهل الإيمان.. الذين يدخلون الجنة..