يًحكى أن ثعلبًا استيقظ من النوم وهو يشعر بالجوع الشديد، ولم يكن في منزله ما يأكله؛ فانطلق في الغابة يبحث عن طعام، وكلما رأى أرنبًا انقض عليه حتى يأكله ويفترسه، فيفر الأرنب مسرعًا. سار الثعلب كثيرًا يبحث عن أي شيء يأكله، حتى كاد يموت من الجوع والتعب، ورأى فأرًا صغيرًا؛ فأسرع خلفه فدخل الفأر إلى جحرة سريعًا واختبأ. وفجاه رأى الثعلب عصفورًا صغيرًا مشغولًا بالتقاط الحب من على الأرض، فانقض الثعلب عليه بسرعة كبيرة وأمسك بالعصفور الصغير.. فقال العصفور الصغير للثعلب: ماذا تفعل بي أيها الثعلب، أنا صغير الحجم ليس لدي اللحم الذي سيكفيك ليشبعك، لا أغني من جوع.. صدقني لن تستفيد من أكلي شيئًا . نظر الثعلب الى العصفور النحيف وعرف أن كلامه صحيح، وأكمل العصفور بذكاء كبير: إن تركتني أيها الثعلب أعطيتك نصائحًا ثلاثة تكون نافعه لك في حياتك، فإن أطلقت سراحي أعطيك النصيحة الأولى، والثانية وأنا فوق غصن الشجرة هناك، وأعطيك الثالثة وأنا طائر في الهواء أيها الثعلب، لن تندم يا صديقي فأنا لن أسد جوعك بحجمي الصغير؛ ولكن نصائحي ستفيدك كثيرًا بالحياة وستحصل من خلالها على صيد سمين . كان الثعلب جائع بشدة، ففكر بهدوء قائلًا في نفسه: حتى إن اكلته فلن أشبع، ونظر الثعلب في العصفور وقال له: حسنا هيا طر وأعطني النصيحة الأولى.. قال العصفور الصغير: "لا تندم على ما فوت من أمر في حياتك ايها الثعلب".. شعر العصفور بأنه حر، والثعلب لن يلتهمه، فقال الثعلب والنصيحة الثانية أيها العصفور، ما هي؟ رد العصفور قائلا : لا تصدق كل ما يقال لك وكل ما تسمع.. ثم طار في الهواء وهو يكمل قائلا: لو أنك التهمتني لأشبعك لحمي القليل ولارتويت من دمي أيها الثعلب.. فشعر الثعلب بالحنق والضيق على فوات الفرصة، ولكنه نظر الى العصفور وقال: ولكن أين النصيحة الثالثة كما وعدتني أيها العصفور.. فقال العصفور: لم تتعلم من النصيحة الأولى ولم تستفد من الثانية فلا تستحق الثالثة.. وطار العصفور حتى غاب عن نظر الثعلب . وانطلق الثعلب يبحث عن طعام من جديد، فمر على لوحة كتب عليها احذر الوقوع في البئر، فقال لا لا لن أصدق كل ما اسمع ولا كل ما هو مكتوب كما أخبرني العصفور.. فعبر الثعلب وسقط في البئر حتى مات لأنه لم يستفد من النصيحة، ولم يستمع للمكتوب..