تأليف: حسن عبدالله الناشر: دار المؤلف سمع الأرنب الصغير بشجرة تدعى شجرة الشجاعة. من يأكل منها ثمرة يصبح شجاعاً جداً. وكان الأرنب يلمس في نفسه شيئاً من الضعف والجبن، فبحث عن تلك الشجرة أياماً حتى وجدها. صعد الأرنب بسرعة الى الشجرة والتهم ثمرة منها. وعندما هم بالتهام الثمرة الثانية صاح به أحد العصافير: - حذار أيها الأرنب... لا تأكل حبة ثانية... انك ارنب صغير... وحبة واحدة تكفيك. وهتف الأرنب الصغير بالعصفور: - اسكت ايها العصفور... ما شأنك أنت؟ لا أريد ان أكون جباناً بعد الآن... اريد ان أكون شجاعاً جداً... وقوياً جداً... اشجع وأقوى أرنب في العالم. ثم التهم الأرنب الصغير ثمرة ثانية وثالثة ورابعة من ثمار شجرة الشجاعة. وبالفعل أصبح الأرنب شجاعاً جداً جداً... وكان أول عمل قام به هو انه كشَّر عن انيابه، وزمجر بقوة، ثم وثب على العصفور فجعله يفرُّ هارباً. فرح الأرنب الصغير بهذا النصر، فشمخ برأسه الى أعلى وراح يمشي بخيلاء، وهو يبسط ذراعيه ويطويهما متأملاً عضلاته كما يفعل أبطال المصارعة. ومرت قرب الأرنب فراشة بيضاء طائرة، فقفز نحوها، فهربت منه، فنظر اليها بسخرية واحتقار وقال: - يا للجبناء! وتابع الأرنب الصغير طريقه باحثاً عن مغامرة جديدة. شاهد الذئب الأرنب فهجم عليه. لم يهرب الأرنب من الذئب. بل هجم بدوره على الذئب. وبدأت المعركة. بدأ الخدش والعض والنهش. وانتهى القتال بفرار الأرنب بعدما اشرف على الهلاك. ركض الأرنب مهرولاً في احد المنحدرات فلم يستطع الذئب اللحاق به. والتقى الأرنب الصغير، الذي أصبح متهوراً جداً، بأرنبٍ آخر عجوز، فساعده في تضميد جروحه. وبينما هما كذلك سمعا صوت نمر يزمجر. فقال الأرنب العجوز للأرنب الصغير: - انه النمر... انه النمر... هيا نهرب. قال الأرنب الصغير: - أنا؟! أهرب من النمر؟! من هو النمر؟ ومن يكون؟ انتظر وسأريك كيف أُمزقه إرباً! قال الأرنب العجوز: - ماذا تقول؟؟ هل جُننت؟ لقد بدأ النمر يقترب. هيا نهرب فوراً. وقال الأرنب الصغير: - أُهرب أنت يا جبان... اما أنا فلن أهرب أبداً... هرب الأرنب العجوز. وبقي الأرنب الصغير في مكانه. شاهد النمر الأرنب الصغير. فأشفق عليه، ومر بقربه دون ان يفترسه. غضب الأرنب الصغير من لا مبالاة النمر به. وهجم على النمر. فلطمه النمر بيده لطمة قوية جعلته يطير في الهواء. وتابع النمر طريقه من دون ان يلتفت وراءه. كان الأرنب العجوز يراقب ما يحدث مدهوشاً. وعندما ابتعد النمر. خفَّ مسرعاً الى الأرنب الصغير، وساعده في النهوض عن الأرض. قال الأرنب الصغير وهو يقاوم كي يفلت من يد الأرنب العجوز: - دعني... لا تُمسكني... دعني الحق بهذا النمر الجبان... لقد نجا مني في الجولة الأولى، ولكنني سأظفر به في الجولة الثانية. وركض الأرنب الصغير المتهور يبحث عن النمر. ولحسن حظه، فإن النمر كان قد اختفى... فأخذ الأرنب الصغير يضرب الهواء بيديه كما يفعل أبطال الملاكمة وهو يقول: - هرب النمر الجبان... ولكنني سأحطمه عندما التقي به مرة أخرى. كانت الشمس قد بدأت تغيب فاقترب الأرنب العجوز من الأرنب الصغير وقال له: - ها قد بدأ الظلام يُخيم... فلنسرع في العودة الى البيت. قال الأرنب الصغير وهو يقفز ويلاكم الهواء بيديه: - أيها العجوز الضعيف الجبان... أوتخاف من الليل؟ انا لا أخاف الليل ولا النهار... انا لا أخاف شيئاً... أنا أقوى أرنب في العالم... قال الأرنب العجوز: - انت قوي وشجاع حقاً... ولكن القوة والشجاعة لا تتعارضان مع العودة باكراً الى البيت. فالأبطال أيضاً ينامون في الليل! كان الأرنب الصغير قد تعب بسبب الجروح والرضوض التي اصابته. فاتكأ على كتف الأرنب العجوز وعاد الى البيت. هناك في البيت، لم ينقطع الأرنب المتهور لحظة واحدة عن التباهي بقوته... وقام بأكثر من جولة ملاكمة وهو يضرب الهواء بيديه... وكلما سمع حركة في الخارج كان يهم بالقفز من النافذة، فيمسك به الذين من حوله... الى ان اضطروا أخيراً الى ربط يديه ورجليه بأحد الأعمدة، وظل الأرنب الصغير مربوطاً بالعمود حتى زال أثر الثمار التي أكلها عن شجرة الشجاعة... وبقي أثر ثمرة واحدة هي تلك التي نصحه العصفور بالاكتفاء بها!