قصة: زكريا تامر رسوم: طه الخالدي كان الأرنبُ والعصفورُ صديقين يعيشان معاً في بُستانٍ كثير الأعشابِ والماءِ والأشجارِ، وكانت حياتُهما مرحةً سعيدةً يسودُها الحبُّ والتَّعاون. وفي صباح يومٍ من الأيّام، أفاق العصفورُ من نومِهِ مُغتاظاً لأنّ الغيومَ لم ترحل وظلَّت تحجُبُ الشَّمسَ وتحرمُهُ ضياءَها. ولمّا التقى العصفورُ بالأرنبِ كان لا يزالُ مُغتاظاً، فوجدَ نفسهُ يسخرُ من أذني الأرنبِ الطّويلتين قائلاً إنّهُما الدَّليل على أنّ صاحبهما لا يمتلكُ إلاّ القليل من الذّكاءِ، فغضبَ الأرنبُ وبادر إلى الرَّدِّ والهُزءِ بجناحي العصفورِ القصيرين الضّعيفين، مُذكّراً بالنّسور والصّقور. تشاجر الأرنبُ والعصفورُ شجاراً عنيفاً انتهى بأن افترقا وامتنعا عن الّلعب معاً ولم يعودا يتبادلان الكلام، فعمَّ الحُزنُ البُستان وبدا كمن فقد جماله، وبات صامتاً مُوحشاً، فالأرنب لا يلعبُ ولا يركُض من مكانٍ إلى مكانٍ، والعصفور ساكتٌ عابسٌ لا يُغرّد. في أحد الأيّام، كان العصفور يطير، فلمح صيّاداً مُتسلّحاً ببندقيّة، يقتربُ من البُستان ويتطلّع فيما حوله باحثاً عن صيد. تناسى العصفور خصامه مع الأرنب، وسارع إليه، وحذَّره من الصيّاد بادر الأرنب والعصفور إلى الاختباء والتواري عن أنظار الصيّاد وقد وحّدهما الخوفُ من بندقيّته. بعد رحيل الصيّاد، عاد الأرنب والعصفور صديقين كما كانا في الأيام الماضية وحرصا على الاّ يختلفا ثانيةً لثقتهما بأنهما إذا ما تخاصما فقد تُفاجئهما يوماً بندقيّة الصيّاد وتسلبهما الحياة. صادرة عن "دار الآداب للصغار" مهنة جديدة للقط قصة: زكريّا تامر رسوم: ليلى مريود كان القطُّ صغير السنّ، وديعاً، أبيض اللّون، يجبّ العصافير، ولا يحاول الإعتداء عليها، ويكتفي بسماع أغانيها. وفي أحد الأيّام، التقى القطُّ بعصفورٍ، فقال العصفور للقطّ مُتسائلاً: "ماذا تشتغل؟". أجاب القطُّ: "أنا أصيد الفئران". فضحك العصفور ساخراً، وقال باستنكار: "يا لها من مهنةٍ تُثير الاشمئزاز!". ثمّ طار مُستأنفاً ضحكهُ السّاخر من القطّ. حزن القطّ الصّغير، وظلّ مكتئباً طوال أيّام. وعندما قابل قطّاً كبير السنّ، أخبره بما جرى له. قال القطّ الكبير السنّ: "لا داعي للخجل من مهنة صيد الفئران. إنّها مسلّية ومثيرة ونافعةٌ للإنسان، فهي تُخلّصه من مخلوقات ضارّة". قال القط الصّغير: "ولكنّها مهنة تثير الاشمئزاز". قال القطّ الكبير السنّ: "إذاً لا تحزن ولا تقلق، وتخلّ عن تلك المهنة التي لا تعجبك". قال القطّ الصّغير: "ولكنّني لا أحبُّ أن أحيا دون عمل". فكّر القطّ الكبير السنّ، ثمّ ابتسم، وقال للقطّ الصّغير: "هناك مهنةٌ أخرى تستطيع القيام بها". قال القطّ الصّغير مُتسائلاً بلهفة وفضولٍ: "وما هي تلك المهنة؟". فأجاب القطّ الكبير السنّ وهو يضحك ضحكةً ماكرةً: "إنّها مهنة صيد العصافير، وأنت تملك الانياب والمخالب". فرح القطّ الصّغير، وزال عنه حزنُه وخجله، وصار منذ ذلك اليوم الصيّاد الذي تخشاه العصافير. صادرة عن "دار الآداب للصغار"