صدرت الاثنين الموافق 10/8/1432ه قرارات ثلاثة من وزارة العمل لتنظيم عمل المرأة ، وباطلاع سريع عليها سجّلت ملاحظات نظامية ، ولكن قبل سردها أُبيّن ما في هذه القرارات من ملاحظات شرعيّة ، فأقول : إن هذه القرارات سمحت بتشغيل المرأة مع الرجل تحت سقف واحد في النص التالي من الفقرة ثالثاً من القرار الأول : ( يُحْظَر على صاحب العمل توظيف عاملين وعاملات معاً في محل واحد ، ويستثنى من ذلك المحلات متعددة الأقسام التي يجوز لها توظيف العاملين والعاملات متى كانوا في أقسام مختلفة، ويجب في هذه الحالة ألا يقل عدد العاملات في المحل عن ثلاث عاملات في الوردية الواحدة ) والنص التالي من الفقرة خامساً من القرار الثاني : ( يكون عمل النساء في المكاتب التابعة للمصانع وفق الضوابط التالية : 2- تحظر الخلوة بين الجنسين ، ويجب على صاحب العمل اتخاذ التجهيزات والترتيبات اللازمة لتجنب ذلك ) أي أن الاختلاط حسب هذه القرارات لا بأس به إذا كان عدد العاملات لا يقل عن ثلاث مع عددٍ من العاملين بشرط عدم الخلوة ، قلت : ولا يُفهم معنى للخلوة إلا اختلاء اثنين ؛ رجل وامرأة ، وهل النساء لو كنّ ثلاث بين عدد من الرجال سواء في المجمع المفتوح أو المحل ذي الأقسام المتعددة كما ذكر القرار في مأمن ؟! لاسيّما في أوقات لا يكثر فيها المتسوقون وتغفل فيها عين الرقيب ؟! ، فالوزارة بهذه القرارات خالفت حتى قرار مجلس الوزراء الذي خوّلها وضع ضوابط عمل المرأة وفقاً لقراره رقم 187 وتاريخ 17/7/1426ه ، والذي جاء في الفقرة الثالثة منه ما نصه: ( إن وزارة العمل هي الجهة صاحبة الاختصاص في تطبيق ضوابط تشغيل النساء كأجيرات لدى أصحاب العمل باعتبارها الجهة المعنية بتطبيق نظام العمل الذي تضمن في الفصل العاشر منه الأحكام المنظمة لذلك ، ومنها ما يتعلق بعدم اختلاطهن بالرجال في أماكن العمل وما يتبعها من مرافق وغيرها ). ألا إن العاقل لم يكن يوماً ضدّ عمل المرأة الذي يحفظها ويوائم طبيعتها ، ولكنه ضدّ العمل الذي يُعرّضها لكل صفيقِ وجهٍ وقليلِ أدب. ثم إن العجب لا ينقضي ممن يُميّع قضيّة تعريض المرأة في عملها للتعامل مع الرجل دون حاجة وأخبارٌ تُتناقل تُبيّنُ مآلَ الزجّ بالمرأة لعمل تتعرّض من خلاله للتعامل مع الرجل دون حاجة ، فقد نشرت جريدة الرياض في عددها ( 15723 ) الصادر يوم أمس الثلاثاء الموافق 11/8/1432ه كلاماً للشيخ عبد الله بن منيع عضو هيئة كبار العلماء والعضو في عدد من الهيئات الشرعية في البنوك قال فيه : ( وأذكر واقعة تعتبر مثالاً لما قد يقع من الاختلاط المقصود ، هي أن أحد البنوك المحلية لديه تساهل في موضوع الاختلاط في بعض المكاتب بين موظفيه ، فانتقل أحدهم بحديثه مع زميلته في العمل إلى أمور خارجة عن شؤون العمل ، وفي الغد قدم لها ساعة هدية وخجلت أن تردها إليه ، وفي الليل اتصل بها وعلل اتصاله بها بأنه حاول أن ينام فلم يستطع ، وأحب أن يتسلى معها في الحديث ، فاعتذرت منه بأن جوالها نفدت طاقته وأقفلت المكالمة معه ، وفي الصباح في وقت العمل أعادت له الساعة مع عبارة : ظنك في غير محله ، وطلبت نقلها إلى مكان آخر ، وقد صور الشاعر أحمد شوقي مراحل الوقوع في الهاوية بقوله: نظرة فابتسامة فسلامٌ فكلام فموعد فلقاء ) انتهى كلامه حفظه الله ، وسبق أن نشرت جريدة الرياض نفسها في عددها ( 12452 ) وفي يوم الأحد 18/5/1423ه خبراً يتضمّن محاكمة محكمة غواتيمالا لرئيس محكمة تحرّش بزميلاته في السلك العدلي ، بعد أن كشفت إحدى زميلاته عما يفعله بعد انفراده بالزميلات في مكتبه !! ، ونشرت جريدة الحياة في عددها ( 14018 ) وفي يوم الخميس الموافق 12/5/1422ه خبراً يتضمّن شكوى من امرأة أرجنتينية ضد زوجها الذي قيدها بعد أن تحرّكت غيرته عندما علم أنّ زوجته تتعرّض للتحّرش نتيجة عملها خادمة في المنازل !! وقد نشرت جريدة المدينة بحثا أشار إليه الدكتور محمد السعيدي حفظه الله في مقاله : ( حوار غير هادئ ) يفيد أن 30% من الموظفات السعوديات في الأماكن المختلطة يتعرضن للتحرش الجنسي من رؤسائهن في العمل و26% يتعرضن للتحرش من زملائهن في العمل أي المجموع 56% يتعرضن للتحرش في العمل ( آمل مراجعة المقال ففيه أخبار وتصريحات مهمّة وفي نفس الموضوع ) : http://www.lojainiat.com/index.cfm?do=cms.con&contentid=49023 وأما الملاحظات النظاميّة فهي كما يلي : 1 – مع أن القرارات المشار إليها تضمنت التأكيد على بعض الأحكام الواردة في الباب التاسع من نظام العمل الصادر من مجلس الوزراء بالمرسوم الملكي رقم م/51 وتاريخ 23/8/1426ه والذي عالج تشغيل النساء عموماً كعاملات ، إلا أن هذه القرارات استبعدت الإشارة إلى بعض الأحكام الأخرى والمهمة للمرأة ، وكان الأولى باعتبار أن من أول ما تُعنى به هذه القرارات تنفيذ النظام ، لاسيّما وهي ترسم كل ما يتعلّق بعمل المرأة ، ألا تخرج عن النظام الأعلى منها والصادر من مجلس الوزراء لا بحذف ولا إضافة ولا تعديل كما هو متقرر في علم الأنظمة والقانون ، فالقاعدة أن الأصل في القرار الوزاري أنه تنفيذ للنظام فلا يجوز أن يعود عليه بالمخالفة ، ومن الأحكام التي استبعدت القرارات التأكيد عليها وقد وردت في النظام ، تهيئة مكان رعاية أطفال العاملات كما في المادة 159 من نظام العمل ، وحقوق العاملة المتعلّقة بانقطاعها عن العمل أو إجازاتها أثناء الحمل والوضع كما في المادة 155 و المادة 156، وحق المرأة في اصطحاب رضيعها لمكان العمل كما في المادة 154 ، وعدم جواز تشغيل المرأة بعد الستة الأسابيع التالية للوضع كما في المادة 151. 2 – جاء في الفقرة ثانياً من القرار الأول ما يلي : ( لا يتطلب توظيف النساء في هذه المحلات الحصول على تصريح من وزارة العمل أو من أي جهة أخرى ) ، قلت : كان الأولى بالوزارة كسلطة تنفيذية ألا تتدخّل في عمل السلطة التنظيمية وهو مجلس الوزراء بتوجيه السلطات التنفيذية الأخرى ، من حيث تصريح توظيف النساء أو عدمه ، وهذا يُعدّ عيباً جسيماً في النظام أو القانون الإداري يُعبّر عنه باغتصاب السلطة. 3 – جاء في الفقرة ثالثاً من القرار الأول ما يلي : ( يراعى في محلات بيع المستلزمات النسائية ما يلي: 1- يجب على صاحب العمل أن يحجب رؤية ما بداخل محل بيع المستلزمات النسائية إذا كان المحل مخصصاً للنساء فقط ، ويمنع الرجال من دخوله. ويُحْظَر على صاحب العمل حجب رؤية ما بداخل المحل إذا كان مخصصاً للعوائل ) ، قلت : في هذا النصّ تجاوز لما يتعلّق بأحكام تخصّ وزارة الشؤون البلدية والقروية كوضع المحلات ، إذ المفترض أن يُعالج نص المادة ما يتعلّق بتنظيم العمل من أحكام تخصّ مكان العمل وطرفي عقد العمل ، فكان الأولى أن يُقال : لا تُشغّل النساء إلا في أماكن خاصّة بهن ، ولا يُتدخّل في اختصاصات الجهات الأخرى. 4 – جاء في الفقرة عاشراً من القرار الأول ما يلي : ( تراجع الوزارة فعالية تنفيذ هذا القرار بشكلٍ دوري ، على أن يتم تحديثه كلما اقتضت الحاجة ذلك وفق مستجدات سوق العمل ووفق ما يردها من اقتراحات تطويرية، ليواكب احتياجات المجتمع وبما يحقق الأوامر الملكية وقرارات مجلس الوزراء الصادرة في هذا الشأن ) ، قلت : هذا النص يُدلل على عدم معرفة من قام بصياغة القرار بأن من أنواع الرقابة الإدارية الرقابة الذاتية التي تقوم بها الجهة نفسها ، وحينئذ لا حاجة لذكر هذا النص في قرار وزاري ، نعم هو مهم في الأنظمة واللوائح التي تصدر من السلطة التنظيمية لأن موادّها تتصف بالثبات والاستقرار. 5 – جاء عنوان القرار الثاني كما يلي : ( اشتراطات توظيف النساء في المصانع ) ، وعند استعراض الأحكام الواردة في القرار وُجدَِ أنها لم تكن حول شروط التوظيف فحسب. 6 – جاء في الفقرة ثانياً من القرار الثاني ما يلي : ( لا يَمنع حظرُ تشغيل المرأة في المنشآت التي تمارس الأنشطة المبينة في البند أولاً أعلاه من حقها في أن تتملك أو تدير أياً منها ) ، قلت : الإشكال في لفظ ( تُدير ) لأن توظيفها مديرة في حقيقته التعاقد معها لهذه الوظائف المحظورة ! ، ومن جهة أخرى فإن المنظم في نظام العمل لم يجعل لمدير العمل ولو كان رجلاً أحكاماً تخصّه بل جعل الأحكام وخصوصاً في الأعمال التي لا تتفق وطبيعة المرأة تدور مع طرفي العقد وهما صاحب العمل والعامل ، إلا فيما يخص وضع لائحة بالأوامر والتعليمات الخاصة بالسلامة العامة كما في المادة 191 من نظام العمل فقد أوجبت المادة على صاحب العمل أو المدير المسؤول وضع لائحة بالأوامر والتعليمات الخاصة بالسلامة العامة. 7 – جاء في الفقرة ثانياً من القرار الثالث اشتراط أن يكون سنّ العاملة من عشرين إلى خمس وثلاثين سنة لتحتسب من صالح المنشأة في تصنيفها ببرنامج نطاقات ، وفي هذا الشرط إشكالان ؛ الأول : أنه لا مبرر لهذا الشرط لأن رغبة المنشآت فيمن هن دون سن الخامسة والثلاثين رغبة لا تحتاج إلى تأكيد كونها أقدر على الإنتاج ، ولأن هذا الشرط يحمل إيحاءً للمنشآت بعدم التعاقد مع من لم تبلغ العشرين ومن تجاوزت الخمس والثلاثين ، بل وإنهاء عقد من هي فوق الخمس والثلاثين ، والثاني : أنه ليس من شأن التنظيمات الإدارية إرشاد المستهدفين بالتنظيم إلى مصالحهم ضمن التزاماتهم ، سواء كانت المصالح حقوقاً أو ضمانات ، بل تفرد الحقوق والضمانات في الصياغة عن الالتزامات. 8 – جاء أيضاً في الفقرة ثانياً من القرار الثالث اشتراط تقديم صاحب العمل لشهادة بنكية تثبت استلام العاملة لأجورها فترة عملها لديه إن كان يريد احتساب توظيفها في برنامج نطاقات ، وفي اشتراط تسليم الأجر عن طريق البنك مخالفة لنظام العمل لأن النظام كما في المادة 90 منه جعل تسليم الأجر عن طريق البنك أمراً جوازياً بموافقة العامل ، أي ليس واجباً. 9 – جاء في الفقرة رابعاً من القرار الثالث ما يلي : ( يطبّق في حق كل منشأة تقوم بتسجيل العاملات عن بعد في وظائف وهمية التالي: 3- غرامة مالية لا تتجاوز 5000 ريال على كل موظفة وهمية مسجلة لديها طبقاً للمادة 239 من نظام العمل ) ، قلت : هذا النص فيه ثلاثة إشكالات ؛ الأول : أن العقوبة على المنشأة وليست على العاملة فكيف تستقيم الصياغة من ناحية لغوية بالتعدية بحرف الجرّ ( على ) في عبارة : ( على كل موظفة ) ؟!! ، الثاني : أنه استُند فيه على المادة 239 من نظام العمل مع أن نصّ المادة المشار إليها جعل حداً أعلى للعقوبة وهو خمسة آلاف ريال وجعل حداً أدنى للعقوبة وهو ألفي ريال ، ومعنى ذلك أن نص المادة قد حُذف منه ، وهذا كما هو معلوم تعدٍّ بالحذف من النظام ، الثالث : عدم تعريف الوظيفة الوهمية ، وكذلك الموظفة الوهمية ؛ هل هي المسجّلة بالسجل المدني فقط ، أي دون التسجيل في التأمينات ، أم من لا دوام فعلي لها ؟ ، وعدم تعريف أي من المصطلحين سيوقع صاحب المنشأة أمام اجتهادات موظفي وزارة العمل في بيان ذلك. 10 – جاء في الفقرة خامساً من القرار الثالث ما يلي : ( في حال قيام امرأة ما بالتعاون مع المنشأة بالتسجيل في وظيفة وهمية ، يتم حرمان المرأة من الدعم الذي يوفره صندوق تنمية الموارد البشرية لمدة لا تقل عن 3 سنوات للمخالفة الأولى ولا تقل عن 5 سنوات للمخالفة الثانية ) ، وكان الأولى الإشارة إلى أن سنّ العقوبة مع عدم الإخلال بما تقضي به الأنظمة الأخرى ، لأن هذه الجريمة وهو التعاون مع المنشأة بالتسجيل في وظيفة وهمية يُعدّ مساهمةً في التزوير يُعاقب عليه نظام مكافحة التزوير. 11 – عدم التوصيف الصحيح لمكان العمل في القرار الأول إذ وَصَفَ القرارُ المحلَّ الذي لا يكون ضمن مجمع تجاري بأنه محل قائم بذاته ، وما كان ضمن مجمع تجاري فهو محل غير قائم بذاته ، ولكن عند التأمّل ومن ناحية لغوية نجد أنّ كلّ محل تجاري هو قائم بذاته سواء ما كان داخل مجمع أو خارجه ، فكان الوصفُ في القرار غير منضبط ، فما هو الوصف الصحيح ؟! 12 – التردد في وصف المرأة في القرارات بين وصف العاملة ووصف الموظفة ، فمرّة عاملة ، وأخرى موظفة ، والسؤال ما هو الأنسب ، والمتماشي مع الأنظمة ؟! 13 – عدم الترتيب والتبويب في هذه القرارات حسب الصياغة النظامية أو القانونية مثل إفراد حقوق العاملة بمادة أو فقرة ، وكذلك إفراد واجباتها بأخرى ، وأيضاً حقوق وواجبات صاحب العمل ، بل تجد أن الصياغة علاوة على عدم مسايرتها لما استقر في علم الأنظمة تُتعب ذهن القارئ من التنقّل بين العاملة وصاحب العمل والحقوق والواجبات والمخالفات وكذلك العقوبات. 14 – لم تتطرّق القرارات وهي ترسم ما ينظّم عمل المرأة لما يرسم ما ينظّم عمل المرأة عن بُعد ، الذي يتسابق العالم إليه الآن ، لأن فيه ما يسدّ حاجة المجتمع ، لاسيّما وأن له فيما يخصّ المرأة كرسيّاً في جامعة الملك سعود بالرياض. 15 – عدم المواءمة بين هذه القرارات الوزارية والتعاميم التي سبق صدورها من مجلس الوزراء ، كالتعميم الصادر من مجلس الوزراء برقم (759/8) وتاريخ 5/10/1421ه ، ونصّه : ( صاحب السمو الملكي ولي العهد ونائب رئيس مجلس الوزراء ورئيس الحرس الوطني ، السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد : نشير إلى الأمر التعميمي رقم 11651 في 16/5/1403 ه المتضمن أن السماح للمرأة بالعمل الذي يؤدي إلى اختلاطها بالرجال سواء في الإدارات الحكومية أو غيرها من المؤسسات العامة أو الخاصة أو الشركات أو المهن ونحوها أمر غير ممكن سواء كانت سعودية أو غير سعودية لأن ذلك محرّم شرعاً ويتنافى مع عادات وتقاليد هذه البلاد وإذا كان يوجد دائرة تقوم بتشغيل المرأة في غير الأعمال التي تناسب طبيعتها أو في أعمال تؤدي إلى اختلاطها بالرجال فهذا خطأ يجب تلافيه، وعلى الجهات الرقابية ملاحظة ذلك والرفع عنه، المؤكد عليه بالأمر رقم 2966/م في 19/9/1404ه ، وحيث رفع لنا سماحة المفتي العام للمملكة العربية السعودية ورئيس هيئة كبار العلماء وإدارة البحوث العلمية والإفتاء بخطابه رقم 46/س/2 في 28/4/1421ه حول ما تقوم به النساء من عمل لا يتناسب مع الدين والخلق ، وهو توظيفهن مندوبات للتسويق لدى عدد من التجار والمؤسسات الخاصة والشركات ، وأن الرئيس العام لهيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر أفاد سماحته بأن ذلك صحيح وواقع ، وما أشار إليه سماحته من أن هذا منكر ظاهر يجب منعه حماية لنساء المسلمين مما لا تحمد عقباه عليهن وعلى المجتمع ، وأنه قد صدر من هيئة كبار العلماء القرار رقم (172) في 2/8/1412 ه بمنع تولي النساء للأعمال والوظائف التي تتنافى مع الحياء والحشمة مما فيه اختلاط بالرجال وشغل النساء عن أعمالهن اللائقة بهن والتي لا يقوم بها غيرهن مما يفوت على المجتمع مرفقا هاماً ، وأشار سماحته إلى الأمرين سالفي الذكر وطلب تجديد الأمر بالتقيد بموجبه والتأكيد على ذلك ومحاسبة من يخالفه حفاظاً على كرامة الأمة وإبعاداً لها عن أسباب الفتن والشرور ، ونرغب إليكم التأكيد على المسؤولين لديكم بالتقيد بما قضى به الأمران المشار إليهما فأكملوا ما يلزم بموجبه. رئيس مجلس الوزراء ، نسخة لكل وزارة ومصلحة حكومية أو مؤسسة عامة للاعتماد ) ، وكذلك لم تكن القرارات متوائمةً مع قرار وزارة الداخلية المستند على فتوى اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء بتحريم عمل الكاشيرة في مكان ليس خاصّاً بالنساء رقم 24937 وتاريخ 23/11/1431 ه ، وكذلك مع فتوى اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء رقم 25146 وتاريخ 3/7/1432ه المؤكدة على تحريم الاختلاط في التعليم وفي أماكن العمل سواء كان الاختلاط بخلوة أو بغيرها. وأُشير إلى أن ما ذكره القرار الأول من وجوب التزام العاملة بالحجاب الشرعي يكتنفه عدم الثقة في تفعيله على وجه يتفق مع الشريعة الإسلامية ، سواء من الوزارة نفسها أو الأجهزة الرقابيّة ، لأن قراراً وزارياً صدر بشأن عدم استخدام الممرضات الأجنبيات لأدوات الزينة وكشف شعورهن أثناء عملهنّ ولم يُفعّل. بالإضافة إلى أن كلمة الحجاب الشرعي تحتاج إلى بيان منضبط وتوصيف دقيق من أهل الاختصاص ، وهم أهل العلم الشرعي ، لأن المصطلحات الشرعيّة لا يؤخذ توصيفها بدقّة من جاهل قلّ علمه أو منافق قلّ ورعه. وقبل الختام أنبّه إلى أن الحلّ يكمن في أمرين اثنين : 1 – استصدار نظام لعمل المرأة بمرسوم ملكي بنفس الآلية المعهودة لصدور الأنظمة في المملكة ، والآلية تبدأ من دراسته كمشروع نظام في مجلس الشورى ثم التصويت عليه ، ثم دراسته في هيئة الخبراء بمجلس الوزراء ، ثم التصويت عليه في مجلس الوزراء ، لأن عمل المرأة لتعلّقه بالأعراض ليس سهلاً تنظيمه ، بل لابدّ أن يُعطى حقّه من الدراسة ، ولن يُعدم المجلسان من ذوي الكفاءة فيهما أو الاستعانة بذوي الخبرة في الجهات والهيئات الحكومية والجهات ذات العلاقة ، لتتم الدراسة على النحو الشرعي والنظامي والإداري والاقتصادي والاجتماعي ، وسائر الأنحاء المتعلّقة بالموضوع ، ولا يوجد ما يمنع من إضافة هذا النظام لنظام العمل المشار إليه في صدر المقال بإحلاله مكان الباب التاسع منه ، والذي تولّى بيان أحكام تشغيل النساء. 2 – تهيئة مكان لعمل المرأة يحفظ لها عرضها وأخلاقها ، ويطمئن ذووها على ذلك. وفي الختام أقول : يا لِهناءِ من دلّ عباد الله إليه ، ويا خسار من جرّهم لمعصيته ، والله المستعان.