تتجمد اللذةُ في عروق الموعوكِ، وتُحبس المتعة دون قضبان السقم، يرى الطعام ولا يشتهيه، يبُصر كأس الماء ولا يقوى على شربه، حين يُسلم جفونه للنعاس تتسلل له يد الألم لتوقظه وتقطع نومه، تثقل عليه الحركة فالقيام والجلوس يجهده، وربما لا يطيقه بمفرده لا بد من يدٍ تسانده، وكما قيل: (الصحة تاج على رؤوس الأصحاء)؛ لا يرون تفاصيل جماله وروعته إلا إذا أنزلوه من رؤوسهم، ولا يدركون حجم نعمة العافية السابغة عليهم إلا إذا سُلبوها، ولو عُرضت عليهم الدنيا بما فيها مقابل زوال حاسة واحدة فقط لأبوا المعاوضة. فايروس عرقل سيري لبضعة أيام، لأول مرة أدرك حجم المنن التي كانت تحيطني بتفاصيلها بل حتى الابتسامة كنتُ أجاهد نفسي في رسمها لعلها تخفف شيئا من الألم عليّ وعلى أحبابي الذي أتعبتهم معي. ذاك عمل الفايروس في الجسد كيف لو تسلل للدين ومزق الأفكار والمعتقدات بمخالبه، وزلزل الثوابت والمسلمات بهزاته؟ تغير وجه رسولنا صلى الله عليه وسلم لما رأى صحيفة من التوراة في يد الفاروق عمر بن الخطاب رضي الله عنه المبشر بالجنة، وقال له: ” أَمُتَهَوِّكُونَ فيها يا ابن الخطاب والذي نفسي بيده لقد جئتكم بها بيضاء نقية لا تسألوهم عن شيء فيخبروكم بحق فتكذبوا به؛ أو بباطل فتصدقوا به، والذي نفسي بيده لو أن موسى صلى الله عليه وسلم كان حياً ما وسعه إلا أن يتبعني”. تلك الغضبة المؤلمة رسمت لنا منهجاً وقائياً ودرعا تحصينيا: فالمنع من قراءة كتبهم وما في حكمها من مواقع وصفحات: هو اجتثاث للبيئة الخصبة لنمو البكتيريا الفكرية. والنهي عن سؤالهم: هو تطعيم تحصيني ضد الفايروسات العقدية. وغرس كمال الدين الأبيض النقي في القلوب: هو كمامة وقائية من جراثيم التشكيك والطعن في المسلمات. نجتهد في حماية أجسادنا وتقوية مناعتنا وهذا مطلب فهي مطيتنا للآخرة، بل ونلهج بالدعاء: “اللهم متعنا بأسماعنا وأبصارنا وقواتنا أبدا ما أحييتنا واجعله الوارث منا”. جميل ما نبذله في حماية أجسادنا التي سيأكلها الدود، والأجمل أن نجتهد في حماية قلوبنا من التقلب “يصبح الرجل مؤمناً ويمسي كافراً”. فما هي مساعيك قارئ/ة حرفي الكريم/ة لتقوية مناعتك الدينية، وتحصين معتقداتك وثوابتك الشرعية من الفايروسات والأمراض؟