يعيش المهتمون بالتراث فترة حيوية بعد انطلاق مسابقة “التراث الصناعي” مؤخراً، إذ ارتفعت وتيرة النقاش حول هذا النوع من التراث وازداد الاهتمام بتوثيق أهم معالمه، واستذكار أهم رموزه. وكانت شخصية ابن البادية خُميْس بن رَمْثان العجمِيّ من أهم الأسماء التي تم تداولها في سياق النقاش عن التراث الصناعي نظراً لكونه من أشهر الأدلة في الجزيرةِ العربيةِ -في التاريخ الحديث- وكانت له مساهمة مؤثرة في اكتشاف أولَ بئرٍ للبترول في السعودية بئرَ الدمام رقم 7 مع الجيولوجي الأمريكي ماكس ستاينكي. ابن رمثان وُلِد خُميس بن رمثان العجميّ في مِنطَقة الأحساء شرقي السعودية، وكان يعيشُ مع أسرتِه في صحراء الدَّهْناء، وقد سَطَعَ نَجْمه عندما جاءه أَمْرُ الأمير عبدُالله بن جَلَوِي للعمل مرافقاً لبَعْثة الشركة، التي حصلت على امتياز التَّنقيبِ عن الزّيْت شرْقِيّ المملكة السعودية. عُرف عن خُميس في وقته بمعرفته الثّاقبة بكل شبر في الجزيرة العربية من الشَّمال إلى الجنوب، ومن الشرق إلى الغرب مُعتمِداً على قوة ذاكرَته، ومن غير خرائط أو أجهزة تحديدَ المواقع مما جعل الحكومةُ السعوديةُ تستخدمُه كدليلٍ جيولوجيٍّ لشركاتِ التنقيب عن النِّفط. عمل ابن رمثان مع شركات التنقيب عن النفط دليلاً رسمياً ومكلَّفاً من قِبَل الحكومة السعودية من عام 1934 م؛ إلى أن تمَّ تعيينُه موظفاً رسمياً في شركة أرامكو نتيجة لجهوده وللحاجة إليه وواصل العمل مع الشركة حتى وفاته في عام 1959م -رحمه الله-. اكتشف ابن رمثان والجيولوجي الأمريكي المهندس ماكس ستاينكي أولَ بئر للزيت في السعودية في الرابع من مارس عام 1938 م، وسمي بئر الدمام رقم (7) وقتها، أُطلق عليه لاحقاً بئر “الخير ” من قبل الملك عبدالله بن عبدالعزيز آل سعود -رحمه الله-. وأطلقت شركة أرامكو في عام 1974 م، اسم “رمثان” على أحد حقول النفط، تقديراً لإسهاماته المهمة في تاريخ استكشاف البترول وتكريماً له. ونحن نتذكره اليوم لأن مسيرته الحافلة تروي جانباً مهماً من تاريخنا الوطني المتمثل في التراث الصناعي، وهذا باعتقادي من أهم الأهداف التي ستقدمها مسابقة “التراث الصناعي” بإعادة ذكرى من ساهموا في التنمية الصناعية والحضارية للوطن. بقلم / البراء سامي