نفتقد روح المبادرة في مجتمعاتنا سواءً في الخدمة المجتمعية أو حتى في المؤسسات والشركات وفي أي منظومة بها أشخاص بل حتى في البيوت. يقول الله -جل وعلا- في سورة التوبة ( وَالسَّابِقُونَ الأَوَّلُونَ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالأَنْصَارِ وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُمْ بِإِحْسَانٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ وَأَعَدَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي تَحْتَهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا ذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ ) انظروا إلى فضل من بادروا ودخلوا في الإسلام على بقية الصحابة رضوان الله عليهم أجمعين، المبادرون هم أناس أحسوا بالمسؤولية قبل غيرهم ففعلوا ولم ينتظروا غيرهم ولم يلقوا باللوم على غيرهم، وما أكثر ما نلقي باللائمة على غيرنا، وننسى أننا لو بادرنا بأنفسنا لكسبنا فضل المبادرة والاقتداء من الذين سيفعلون بعدنا هذا الأمر. مثلاً لو بادر كل صاحب منزل بالعناية والتنظيف أمام منزله، أو عمارتهم إن كانوا مجموعة سكان، فالنتيجة حتماً ستكون حياً نظيفاً مرتباً، ولو زرع كل شخص شجرةً أمام منزله واعتنى بها كل يوم سقايةً وعناية بلا تبذير وهدر للمياه؛ لكانت النتيجة حياً نظيفاً مرتباً مزروعاً بأجمل الأشجار وكان نموذجياً، كذلك في العمل إذا بادر مدير الإدارة أو أحد الموظفين لترتيب المكتب أو سن آلية معينة إما للعمل أو لتنظيم المراجعين أو حتى لترتيب مكتبه هو لكانت النتيجة بيئة عمل محفزة جاذبة يقضي بها الموظف 7 ساعات من يومه وهو مرتاح داخلياً فينعكس ذلك على أدائه الوظيفي لينتج ويبدع. وفي المسؤولية المجتمعية كذلك فإننا نحتاج المبادرين من المتطوعين بأي نوع مبادرة كانت، المهم أن نحفز في دواخلنا روح المبادرة للخير وزرع الخير ونشر الخير بين الناس، كما أن المبادرة لا تتناقض مع التنظيم فلا يفهم من كلامي أن كل أحد يفعل ما يشاء متى شاء وكيفما شاء، بل لا بد من التنظيم وسؤال أهل الخبرة والتخصص وقد قيل: ما خاب مَن استشار. هي دعوة لنشر ثقافة المبادرة بين أفراد المجتمع، وليكن شعارنا أبدأ بنفسي أولاً ولا أنتظر غيري، خصوصاً أن ديننا يحثنا على المبادرة في أعظم شيء يتمناه ويرجوه كل مسلم فقال سبحانه في سورة آل عمران ( وَسَارِعُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِّن رَّبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّمَاوَاتُ وَالْأَرْضُ أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ ) فندب عباده إلى المبادرة لطلب المغفرة والعمل لدخول جنة عرضها السموات والأرض، فإذا كانت المبادرة مطلوبة لدخول الجنة وهي أعظم مطلوب، فهذا يدل على أهمية المبادرة في الحياة الدنيا وفي الآخرة، فلنكن سبَّاقين مبادرين في كل أمور حياتنا. جيلاني بن شايق الشمراني كاتب صحفي ومستشار إعلامي