حصد الطالب السعودي ياسر أحمد فرج، الذي يدرس الطب البشري السنة الأخيرة في جامعة سيليسيا الطبية في بولندا على جائزة أفضل طالب أجنبي في بولندا لعام 2018. جاء ذلك لجهوده في محاربة العنصرية وترسيخ مبادئ التعايش والتسامح بين البشر، وإلقائه سلسلة من المحاضرات في المدارس الثانوية ببولندا عن الثقافة العربية والسعودية، وتطوعه في نشاطات تركز على التقارب العربي البولندي. وعلى الصعيد الأكاديمي، حصل بحث "ياسر" الذي عمل عليه مع اثنين من زملائه البولنديين على المركز الثاني للأبحاث الطبية بجامعة سيليسيا؛ إذ كان موضوعه عن الإصابات البكتيرية في الجهاز الهضمي وقد قدمه منفرداً في المؤتمر الطبي. "تواصل" حاورت الطالب ياسر أحمد فرج، الذي يعتبر نموذجاً للشاب الناجح، والذي يعد بمثابة سفير للمملكة وممثل لها في بولندا، للوقوف على تفاصيل أكثر تتعلق بتفوقه وتميزه. نص الحوار: تواصل: عرفنا بنفسك.. ودور أسرتك في تفوقك الدراسي؟ ياسر: اسمي ياسر أحمد فرج من أهل جدة، أدرس حالياً الطب البشري في السنة الأخيرة في جامعة سيليسيا الطبية في بولندا، كنت أدرس قبلها في جمهورية أيرلندا، ولكن بسبب بعض الظروف الشخصية والأكاديمية اضطررت إلى الانتقال إلى بولندا لأكمل دراستي فيها. انتقلت من سنة ثانية للطب في أيرلندا إلى ثالثة طب في بولندا، بعد معادلة المواد التي أنهيتها في أيرلندا، ومع أن حيثيات انتقالي جاءت قبل إغلاق الابتعاث إلى جامعة سيليسيا الطبية، بسبب التكدس إلا أن وزارة التعليم رفضت مراراً وتكراراً طلبات الانتقال التي قدمتها إلكترونياً ويدوياً في مقرها بالرياض، مع العلم بأنه قد توقف الصرف عني في شهر أكتوبر لعام 2014، رغم أن بعثتي من المفترض انتهاؤها في شهر سبتمبر 2017 أي ثلاث سنوات استحقاق قد تم حجبها عني. تم ابتعاثي في عام 2009 لمدة 5 سنوات تنتهي عام 2014، ولكنها قابلة للاستئناف لأنني أدرس الطب البشري والذي تكون مدة دراسته 6 سنوات، مع إضافة سنة ونصف دراسية لدراسة اللغة يكون الإجمالي سبع سنوات ونصف، ويحق للطالب إعادة سنة نظاماً ليكون الإجمالي 8 سنوات ونصف، ولكن للأسف تم انقطاع الصرف عني ولم يتم إعادة الصرف عني حتى هذه اللحظة. في ظل هذه الظروف القاسية لم يقف معي سوى أسرتي، التي آمنت بقدراتي حيث إن سجلي في التفوق والتميز بحمد الله مشرف، فقد حصلت على لقب وجائزة الطالب المتميز على مستوى منافسات دول مجلس التعاون الخليجي في جائزة الشيخ حمدان بن راشد آل مكتوم للأداء التعليمي المتميز بدورتها العاشرة، هذا بالإضافة إلى لقب الطالب المثالي لسنتين متتاليتين على المنطقة الغربية، ومثلت المملكة في أولومبياد العلوم العالمي عام 2005 والذي أقيم في إندونيسيا، هذا بالإضافة إلى عدة مسابقات وجوائز حصدت فيها المركز الأول تتنوع بين ثقافية واجتماعية وعلمية على مستوى المملكة. أما على الصعيد الخارجي فسجل إنجازاتي بدأ في أيرلندا بلد الابتعاث الأصلي حيث تم تكريمي لأنني حققت لقب (شخصية العام 2014) في الكلية الملكية للجراحين نظير إنجازاتي المتنوعة ومساهماتي الفعالة في مختلف الجمعيات العلمية والثقافية والاجتماعية المنتشرة في الكلية الملكية وقد حصلت على هذا اللقب وحيداً دون مناصفة وتم كتابة اسمي في لوحة شرف، واعتبر من الطلاب السعوديين القلة الذين سطرت أسماؤهم في لوح الشرف المعلقة بالكلية. مع أنني انتقلت من أيرلندا إلى بولندا على حساب الأهل ولم أكن أتلقى أي دعم مادي بسبب إنقطاع الصرف عني وأنا في بلاد الغربة لم يمنعني ذلك من مواصلة تفوقي أكاديمياً بفضل الله حيث إنني حققت المركز الثاني في المؤتمر الطبي العالمي في جامعة سيليسيا عام 2016 نظير بحث علمي قد قدمته أمام لجنة الحكام وقد قمت بالعمل لمدة أربعة أشهر على البحث مع اثنين من الطلاب البولنديين. ليس أكاديمياً فحسب بل أنني لم أدخر جهداً في تثقيف المجتمع البولندي عن الثقافة العربية والسعودية، ومحاولتي جاهداً بأن أظهر خير صورة لوطني عن طريق إلقاء المحاضرات وعمل الندوات وتقديم عروض ليس في جامعتي فحسب بل حتى في فصول طلاب الثانوية العامة، وكذلك مشاركتي في فعالية المكتبة البشرية لتقديم المعلومات المتعلقة بوطني للقراء لمدة سنتين متتاليتين والمشاركة في تنظيم دوري كرة قدم قد قمت بتسميته ووضع هدفه بنفسي ليكون باسم (لنلعب ضد العنصرية) حيث إن آفة العنصرية تنتشر بين بعض الناس في بولندا وحيث يظهر بعض الناس العداء للأجانب وللعرب خاصة. ونتيجة لإنجازاتي وأعمالي قد قام ثلاثة من البروفيسورات في الجامعة بترشيحي لجائزة (أفضل طالب أجنبي في بولندا لعام 2018)، وقد قبلت لجنة حكام الجائزة أوراق ترشيحي، وبعد تحكيم حوالي 100 مرشح من بين 72 ألف طالب أجنبي في بولندا من أكثر من 166 جنسية مختلفة، تم حصولي الجائزة الخاصة ومنحي لقب أفضل طالب أجنبي في بولندا لعام 2018 نظير إسهاماتي في محاربة العنصرية. وبعد منحي لهذا اللقب قد قامت العديد من وسائل الإعلام البولندية الحديث معي، وإلقاء الضوء على العنصرية الموجودة في البلاد، وقد تم تخصيص حوالي 3 صفحات في إحدى أشهر الصحف البولندية لنشر مقابلة معي حول هذا الموضوع. لا شك أن إيمان أهلي بقدراتي ودعمهم لي كان السبب الرئيسي بعد توفيق الله في الإنجازات التي حققتها، وأتمنى أن أكون بذلك قد شرفت اسم وطني لأنني أؤمن بالتعايش والتسامح ونبذ العنصرية، هذه تعاليم نشأنا وترعرعنا عليها في بلادي وتم التأكيد عليها من قبل تعاليم أبواي حفظهما الله وبإذن الله سأربي ابنتي الصغيرة على هذه التعاليم كذلك حيث إنني أب لابنة عمرها 6 سنوات ونصف حالياً. تواصل: ما هي صعوبات الابتعاث وكيف واجهتها؟ ياسر:البيروقراطية وعدم الاتضاح الذي تتحلى به وزارة التعليم هي أشد صعوبة واجهتها ولا أزال أواجهها حتى الآن، حيث إنني قد سافرت إلى الرياض ثلاث مرات في ثلاث سنوات، أحاول أن أوضح للمسؤولين حقيقة أنني أحد الطلاب المتفوقين في بولندا، وأطلب منهم قبول طلبي للانتقال، ولكن للأسف جميع محاولاتي باءت بالفشل بسبب وضعي السابق في أيرلندا، مع العلم أنني انتقلت من السنة الثانية الطبية في أيرلندا إلى السنة الثالثة في بولندا. ومع العلم بأن معدلي الدراسي الحالي في بولندا جيد جداً 4 من 5، كنت آمل من قبل وزارة التعليم أن تطبق القرارات الوزارية بحقي كخطاب رئيس ديوان مجلس الوزراء رقم 17006 وتاريخ 19/7/1384ه والتعميم الوزاري رقم 615/خ في 17/5/1382ه، حيث إنه من المفترض أن يتم انقطاع الصرف عني عاماً واحداً فقط، ومن ثم إن أثبت جدارتي يعاد الصرف علي. ولكن للأسف مع أنني رفعت تقرير يثبت تفوقي الدراسي في جامعة سيليسيا الطبية في بولندا عن طريق بوابة سفير برقم (12161713) بتاريخ 09-09-2015 أي بعد عام تقريباً من إيقاف الصرف ومع العلم بأنه قد تم قبوله في بوابة سفير من قبل المشرف الدراسي، إلا أنه لم يشفع لي بأن يتم تطبيق القرارات الوزارية المذكورة سابقاً بحقي، ومازلت حتى هذه اللحظة أكافح أنا وأهلي لتحمل أعباء ونفقات الدراسة. تواصل: ما هي الدوافع التي ساعدت في تفوقك وتميزك كأفضل طالب أجنبي في بولندا؟ ياسر:تعرضت إلى اعتداء عنصري من قبل أحد جنود الجيش البولندي في محطة القطارات الرئيسية في مدينة كاتوفيتسا في بولندا، وكان الغضب والعنف يجتاح الجندي بمجرد رؤيتي، وقد قام بالاعتداء علي جسدياً ولفظياً لأنني مسلم حيث كان يسألني إن كنت مسلماً. لكن شرطة المحطة قامت بتوقيفه فوراً أثناء الاعتداء، و تم تحويل القضية إلى المحكمة التي أدانت المتهم، وحكمت لصالحي، هذه الحادثة شجعتني على أن أحاول بقدر استطاعتي إظهار صورة معتدلة وحسنة عن المسلمين والعرب، وأن أظهر للعامة بأننا أشخاص بشر مسالمون ننبذ الكراهية والعنف ونشجع التعايش والحوار بين الأديان، ومن أكبر الأدلة على ذلك مركز الملك عبدالله لحوار الأديان. أما على الصعيد الأكاديمي، فأكبر الدوافع هو شغفي لأن أعود لوطني وأن أخدمه وأساعد على تنميته بقدراتي وخبراتي التي اكتسبتها في فترة دراستي بالخارج فهذا أقل واجب قد يقوم به شخص تجاه وطنه. تواصل: ما هي طموحاتك بعد انتهاء دراستك؟ ياسر:عند الانتهاء سأعود لرفعة الوطن وخدمته بما اكتسبته من علم وأحاول بقدراتي قدر الإمكان أن أظهر صورة حسنة لأغير بعض المفاهيم الخاطئة لدى بعض الناس والتي اكتسبوها نتيجة الأخبار الخاطئة التي تنشرها بعض وسائل الإعلام، التي تكن العداء للوطن قد بدأت على هذا الدرب وسأستمر به بمشيئة الله، آملاً في أن يتجه هذا العالم للأفضل بحيث تستطيع أن تعيش ابنتي فيه بسلام ومحبة.