سجل انخفاض الدولار الأمريكي إلى أدنى مستوى له منذ قرابة الثلاث سنوات قلقا كبيرا للكثير من الشركات والمصانع السعودية والذي سيؤدي إلى ارتفاع تكاليف مدخلات الإنتاج بسبب ارتفاع كلفة المواد الخام مما سيؤدى إلى الضغط على أرباحها خلال الشهور المقبلة. وحذر محللون ماليون في حديثهم من تبعات انخفاض الدولار الأمريكي والذي سيؤدي إلى ارتفاع معدلات التضخم المحلي بشكل كبير بسبب أن السلع المستوردة سيتم استيرادها بأسعار أعلى بسبب فروقات التحويل. وقال سهيل الدراج المتخصص في الشؤون الاقتصادية الدولية ان انخفاض الدولار الأمريكي إلى أدنى مستوى له منذ قرابة الثلاث سنوات جاء بسبب تمسك مجلس الاحتياطي الفدرالي الأمريكي بالاحتفاظ بسعر الفائدة عند أدنى مستوى له على الإطلاق وهو بين الصفر والربع بالمائة في مقابل رفع الفائدة على العملات في مناطق كثيرة في العالم بدءا من استراليا ونيوزيلندا والصين والبرازيل وكندا والبنك المركزي الأوروبي والهند. وأضاف أن العامل الثاني الذي ساهم في هذا الهبوط الحاد للدولار هو انتعاش الاقتصاد العالمي وارتفاع أسواق الأسهم عالميا مما حسن من شهية المخاطرة لدى المستثمرين الدوليين الأمر الذي ساهم في شراء الأسهم والسلع في مقابل بيع الدولار الامريكي. وتابع بأن العامل الثالث هو التخوف العالمي من حجم الإنفاق الأمريكي المتسارع وزيادة العجز في ميزانية الدولة، وزيادة العجز في الميزان التجاري الأمريكي، وزيادة الدين الداخلي مما دفع بوكالات التصنيف العالمي مثل ستاندرد اند بورز بتخفيض التصنيف الائتماني للولايات المتحدة الأمر الذي ساهم في استمرار تدهور سعر صرف الدولار عالمياً. وأشار إلى أن انخفاض سعر صرف الدولار عالميا سيؤدى إلى انخفاض سعر صرف الريال السعودي أيضا في مقابل العملات الأخرى غير الدولار نظرا للارتباط بين الريال والدولار، مردفا بنفس السياق أن الوضع الحالي سيؤدي إلى ارتفاع معدلات التضخم بشكل كبير لأن السلع المستوردة سيتم استيرادها بأسعار أعلى بسبب فروقات التحويل. ولفت إلى ان الكثير من السلع ارتفعت في بلدانها الأصلية بسبب ارتفاع أسعار الوقود والغذاء والأسمدة عالميا، وبالتالي فإن الواردات التي ستأتي إلى السعودية الفترة القادمة ستتعرض لضربتين قويتين هما ارتفاع أسعار السلع والبضائع في بلد المنشأ وفروقات الصرف والتحويل. وقال الدراج ان الضرر سيتركز بشكل كبير على المستهلك وخصوصا أصحاب الدخل المحدود، حيث انهم سيلاحظون ارتفاعاً واضحا على أسعار السلع في السوبرماركت أو لدى محلات بيع التجزئة الأخرى. وأفاد بأنه على مستوى الدولة فلا يتوقع حدوث أى ضرر سلبي بل على العكس من ذلك فإن ارتفاع أسعار النفط واستقرارها فوق 100 دولار للبرميل وزيادة إنتاج المملكة من النفط الخام سيسهمان في تعزيز إيرادات الدولة وميزانيتها ويتوقع أن يتحقق فائض خلال هذا العام الحالي. وأوضح بأن أكبر المستفيدين ستكون المصانع السعودية التي لديها طاقة إنتاجية كبرى وفائضة حيث سيسهم انخفاض الدولار عالميا في تعزيز مبيعات تلك المصانع وتعزيز تنافسيتها في السوق الخارجية وخصوصا المصانع التي تنتج البتروكيماويات، وأما الأثر السلبي للمصانع السعودية وفقا للدراج فسيكون بارتفاع تكاليف مدخلات الإنتاج بسبب ارتفاع كلفة المواد الخام، مما سيؤدى إلى الضغط على أرباحها إذا هي أبقت على أسعار البيع للمستهلك ثابتة. واختتم الدراج حديثه بأنه بالنسبة للحلول فإنها تكمن في عملة خليجية موحدة تكون مربوطة بسلة عملات متوازنة تضمن الإبقاء على تذبذب فروقات العملة في نطاقها الضيق حتى لا تربك صانعي التخطيط في دول مجلس التعاون الخليجي، وحتى يمكن احتواء التضخم المتسارع الناشئ عن قضية حرب العملات التي يعتقد أنها ستزداد شراسة خلال العشر سنوات القادمة. وعلى صعيد متصل قال المحلل الاقتصادي الدكتور بندر العبدالكريم ان تذبذب أسعار صرف الدولار الأمريكي سيؤثر بشكل كبير على الاقتصاد العام وأسعار الفائدة والعمليات التجارية بالإضافة إلى الاستثمارات المالية. ونوه بأن استمرار حالة تذبذب سعر الدولار قد يكون له فوائد لبعض الشركات خاصة شركات البتروكيماويات من خلال زيادة مداخليها وأرباحها. وأردف بأن بعض الشركات المعنية بالمستهلك مثل شركات المواد الغذائية والاستهلاكية سيكون الأثر عليها سلبياً بسبب أن التذبذب سيخلق حالة من عدم الاستقرار في التسعير للمنتجات الأولية والنهائية، وبالتالي حدوث الخسائر مما سيجبر الشركات برفع الأسعار للحد من تأثير تذبذب سعر صرف الدولار وبالتالي انعكاس ذلك على المستهلك من خلال دفع السعر النهائي للفاتورة. وقال العبدالكريم ان التأثيرات غير المباشرة على سوق الأسهم السعودي والناتجة من تذبذب سعر صرف الدولار قد تأتي من كون السوق السعودي هو سوق مضاربة بنسبة كبيرة، لذلك قد يجد المتعاملون في السوق فرصاً مناسبة وبذلك قد يتأثر السوق عن طريق تذبذبه هو الآخر صعوداً وهبوطاً.