- الرأي - خلود النبهان - جازان : في حوارٍ ثري أجرته صحيفة " الرأي " مع الأستاذة آمال أبو طالب، المهتمة بالتراث وهي صاحبة مقتنيات أثرية نادرة، سلّطت الضوء على إحدى أبرز القطع التراثية التي تحتفظ بها، والمعروفة شعبيًا باسم "الدبلول". ومن خلال هذا التقرير، تقف صحيفة الرأي، تزامنًا مع الاحتفاء باليوم العالمي للتراث، على هذا الشكل من الزينة النسائية، مستعرضةً تاريخه، ودلالاته الجمالية، وقيمته في ذاكرة النساء في منطقة جازان. بدايات الذهب والزينة العثمانية خلال منتصف السبعينات الهجرية من القرن الماضي، ومع بدايات انتشار الحُلي الذهبية بين النساء في جازان، ظهر نوع من الزينة التقليدية اللافتة يُعرف باسم "طوق الدباليل"، اعتمد في تكوينه على استخدام عملات ذهبية عثمانية أصلية أو محاكية لها، لتتحوّل من وسيلة تداول إلى رمز جمالي تفتخر به النساء ويتزيّنّ به في المناسبات. المحمودي.. أصل الحكاية تشكّل العنصر الأبرز في هذه الزينة من عملة ذهبية عثمانية تُعرف ب "المحمودي"، بلغ وزنها 18 جرامًا، وقطرها خمسة سنتيمترات، وكان سعرها آنذاك يصل إلى 90 ريالًا، وهو مبلغ مرتفع نسبيًا في ذلك الوقت. كما ظهرت لاحقًا نسخ مماثلة تحمل نفس القطر ولكن بوزن أقل (نصف الوزن)، وطُبع على وجهيها التاريخ دون الشعار الرسمي، لتُستخدم لاحقًا في تشكيل الحلي. طوق من 12 دبلولًا يتكوّن "طوق الدباليل" من اثني عشر دبلولًا تتوزع بشكل دائري وتتوسّطها قطعة المحمودي الأصلية. وتُثبّت هذه العملات بخيوط قوية من القماش، مما يجعلها قابلة للارتداء كحُلي تُعلّق على الصدر. وكان بالإمكان ارتداء قطعة المحمودي أو الدبلول بشكل مفرد أيضًا، لتظل هذه الزينة متعددة الاستخدام وشديدة الرمزية. من العملة إلى الزينة وتوضح الأستاذة آمال أبو طالب أن اسم "الدبلول" لم يعد يقتصر على العملة الأصلية، بل عمّم على النسخ المحاكية لها أيضًا، ليصبح مصطلحًا دارجًا يُطلق على هذا النمط من الحُلي. وتضيف: "لقد ظل استخدام الدبلول والمحمودي كزينة شائعًا في منطقة جازان حتى منتصف التسعينات الهجرية، حيث كانت النساء يرتدينها في المناسبات والمواسم، وتُعدّ من أبرز رموز الزينة النسائية في ذلك الوقت." إرث من الذهب والتاريخ رغم غياب طوق الدباليل عن المشهد المعاصر، إلا أنه لا يزال حيًا في الذاكرة الشعبية، وفي صور الأمهات والجدات اللواتي ارتدينه في المناسبات، حين كانت الزينة تحكي قصة المكان، وتختزل مزيجًا من الفن والاقتصاد والهوية. ….. يبقى طوق الدباليل شاهدًا صامتًا على أناقة الماضي ووعي المرأة الجازانية بجمالها وثقافتها. إنه ليس مجرد زينة من ذهب، بل وثيقة مرئية تروي حكاية جيل، وتُعيد رسم ملامح الذائقة التراثية التي تستحق أن تُوثق، وتُعرض، وتُحتفى بها في كل يوم يُكرّم فيه التراث. ‹ › ×