النهوض بالفكر يُنير الدرب، يُرتب المُهمّات، يقضي على المصاعب، ويُحيطنا بهالة من الضياء الذي من خِلاله نستطيع أن نسير ونحنُ مستنيرو الخُطى أهدافُنا واضحة؛ لذا لابد أن نقمع الخيبات ونتصدى لكل الهفوات ونُهادن الأفكار وما يسرّ الخواطر، بتحقيق ربحٍ وفيرٍ من النجاح.. والتقدم.. والإنجاز.. تُحوِّلُ المفازاتِ المقفرةَ إلى واحاتٍ مُزهرةٍ. إذًا علينا أن نقف في منتصف ربيع العمر، نتعلم مما مضى، ونتطلع إلى مستقبل مُشرق قادم، ولا عيب من العيش مع الخيال والتحدث مع النفس لبضع سويعات؛ حيث إنها كفيلة بصقل الذات ومحو الزلات، ومُجاراة الواقع الحالي بأسلوبٍ لطيفٍ وتحقيقِ وعيٍ أكثرَ. يقول أحد المُدرّبين في تطوير الذات: إنني أتخيل أنني أمام حشد كبير جدًّا من الناس، وعليَّ أن أخاطبهم بوعيٍ وابتسامةٍ لطيفةٍ ونظرةٍ تشمل الجميع، مع الإشارة إلى نفسي ثم إليهم لخلق روح الإيحاءات التي تُحاكي الذات ويستوعبها عامة الناس، مضى وقتٌ وانا أقيّم نفسي، أقوم بأخْذِ نفس عميق، وأسترجع أفكاري من أجل ألاَّ أفقدَ جملةً ثم أخسرَ السيطرةَ على قدرةِ الحديثِ والوصولَ إلى العقولِ والقلوبِ. كذلك المعلم والمعلمة لديهم هذه الخصيصة التي تُخَوِّلُهم الوقوفَ باتِّزانٍ وإيصال المعلومة بكل دقة وذكاء. إذًا ها نحن نتخيل ماذا نعمل غدًا لتصميم (كيان ذاتيٍّ جميل)، تمامًا كما نفعله عند تأثيث المنازل والمكاتب والحدائق وزوايا المكان.. نافورةٌ عابقة بالعطاء وشلالٌ يتهادى بهدوءٍ مع إضاءةٍ خافتةٍ تتضوعُ فرحًا وسكونًا. تصميمٌ للذات بالأفكار الواعية، ووقوفٌ على أرض الواقع بثبات.. تخيل ماذا بوسعي أن أعمله بالغد؛ أقف أمام مرآة حقيقية وأتفحّص ذاتي بالخيال، وكأن اللحظة التي سأعيشها بالغد هي الآن حاضرة أمامي؛ أتخيل ملامحي.. طريقة إيصال المعلومة.. الإشارة.. التحدث.. وجميع الجوارح تعمل معي محسوسة ملموسة تصاعدية، حيث إنني لا أنتهي إلاَّ بعدَ الحصول على تلكَ الطاقة الكامنة لديَّ، والمحافظة على جميع ما أحمله من نعم الله عليّ بطريقة تخدمني وتخدم الجميع. ليس ذلك فحسب، علينا أن نَتَلَمَّس أفكارَنا.. نتحسَّس ذواتِنا الصامتةَ.. نُعيد أحلامنا التي فرّت هاربةً من عقباتٍ مرّت بنا.. أو صدماتٍ من علاقتنا الاجتماعية والعملية وأيضًا الأُسرية. في ميدان النفس كثيرًا ما ننصدم من مواقف حدثت لنا لم نكن على وعي كافٍ لحلها أو مواجهتها بالشكل الصحيح الذي نضمن به اتزان أفكارنا ومشاعرنا، ونتخلص من توبيخ الذات وجلد النفس باللوم والتعنيف الذي لا يتوقف ندمًا وخسارة لراحة تبددت نتيجةً لتصرفاتٍ رعناءَ جعلتنا نعيش بألم. ذواتُنا أمانةٌ في أعناقنا؛ فلنتعامل معها بشكلٍ صحيحٍ جميل لنعيش في سلام وأمان: نفسي.. ذاتي.. معرفي.. اقتصادي.. أُسري.. واجتماعي.. هي قدراتٌ لابد من أن نقف عليها ونعمد لتأثيثها بشكل مرتب وأنيق في دواخلنا لأنّه أهم من المظاهر الخارجية، فالدواخل جواهر؛ لابد أن نتقلدَها بحرص واهتمام، ونصممَ ذواتِنا بكل فنٍّ وجمال..