تاريخ سعودي جديد تدونه القوات المسلحة السعودية في مسار التطوير وتوطين التقنيات العسكرية. هو مشهد كبير يمكن تصويره بأكمله في لحظة مؤثرة جداً حيث يتصل الطيار من قمرة طائرته “الهوك السعودية” وهو على مدرج الإقلاع بقاعدة الملك عبدالعزيز الجوية عبر اللاسلكي مستأذناً سمو الأمير محمد بن سلمان ولي العهد وزير الدفاع للإنطلاق الى عنان السماء قائلاً: بعزيمة ابناء الشعب السعودي وهمتهم الشامخة استأذن سموكم للإقلاع بأول طائرة يتم تجميعها محلياً… فيجيبه الأمير القائد بالموافقة قائلاً: باسم الله وعلى بركة الله حلق فوق أغلى أرض. فيستجيب الطيار المقاتل منفذاً للأمر قائلاً: توكلنا على الله.. انطلقنا وطموحنا عنان السماء.
يالروعة المناسبة ويا لجمال اختيار عباراتها الخالدة عبر هذا الموقف الوطني ذو الأبعاد والثوابت السعودية المتوكلة على الله تعالى والمنبثقة من دستور البلاد العظيم ذو المضامين الإيمانية والوطنية والإنسانية. ويالها من مناسبة سعودية تتحقق فيها الآمال لنعيش لحظات النجاح بعرق ودماء وفكر الرجال. ويالها من شهامة وسمو ومعنوية وانصهار بين القيادة وشعبها الوفي الصامد الكادح العظيم. وكم ذرفت دموع المخلصين في ربوع السعودية فرحاً وغبطة لكل إنجاز وطني كهذا المشروع.
انها مناسبة كبيرة وإنجاز مُشرف صنعها الوطن من خلال قواته المسلحة ممثلةً بالقوات الجوية السعودية الجسورة. ومع ذلك كله لم يقل السعوديين اننا صنعنا طائرات التدريب العالمية من طراز “هوك” بل قالوا وبكل ثقة نجحنا عبر برنامج وطني متقدم من تجميع هذه الطائرة في مصانع بلادنا وبأيدي رجالنا. ورغم انه تم تصنيع عدد من اجزاء هذه الطائرة محلياً لكن السعوديون لم يوظفوا الحدث للدعاية كما فعلت إيران التي تدعي كذباً انها صنعت مقاتلات ايرانية بينما الحقيقة انها زورت نسخ كرتونية مشابهة لطائرة ف-٥ الاميركية ولم يتم مشاهدتها وهي تتحرك على الأرض ولا في السماء.
إن ما يهمنا تاريخياً ووطنياً إن تجميع هذه الطائرة السعودية المتقدمة للتديب في المملكة يأتي عبر برنامج سعودي – بريطاني يستهدف بناء ٢٢ طائرة في هذه المرحلة من خلال خطوات عملية ينفذها الشباب السعودي وإجراء التجارب والاختبارات بعد عمليات التجميع المصنعي على الأرض ومن ثم اختبار الطائرة بالجو وهذا يثبت أن السعوديين يمتلكون كل الأدوات لنقل بلادهم الى مصاف الدول الصناعية المتقدمة قريباً بعون الله.
هذا الإنجاز الوطني برعاية سمو ولي العهد وزير الدفاع الامير محمد بن سلمان يعتبر منطلقا سعوديا جديدا نحو الفضاء وعلومه ويترجم استراتيجية توطين التقنيات بالمملكة ودعم الإقتصاد الوطني وقيام الصناعات السعودية العسكرية في مجال الفضاء وإيجاد فرص الوظائف الكُبرى وهذا كله ضمن اولويات رؤية الوطن السعودية ٢٠٣٠.
فلكل الوطن نبارك هذا الانجاز الكبير وهو قليل من كثير قادم بإذن الله ونبارك تفوق شبابنا الذين تدربوا لسنوات طويلة استعداداً لهذا المشروع فتمكنوا بعون الله من انجازه بثقة وتميز واقتدار. ونبارك للشعب السعودي هذا لإنجاز النوعي الذي حلق عالياً في سماء المملكة بحضور سمو ولي العهد، وسيتبعه بعون الله إنجازات وصناعات اخرى متقدمة ومختلفة بعزم قيادتنا التاريخية وبعقول وهمة علماءنا وقواتنا المسلحة فسلام عليهم جميعاً وسلمت الأيادي.
والاجلال والإكبار والإحترام للأمير القائد الشجاع ولي العهد وزير الدفاع محمد بن سلمان بن عبدالعزيز. ولقادة قواتنا المسلحة الساهرين على الوطن جزيل الشكر وخالص الدعاء. والثناء وصادق الوفاء وأجمل التهاني للقوات الجوية السعودية الجسورة ولقائدها ولرجالها ولعوائلهم.
وسلام على الشجعان الجنود المجهولين الذين انجزوا برنامج الهوك السعودية وعلى كل الشرفاء أمثالهم الذين ترفعوا عن كل الصغائر وبذلوا ارواحهم وحياتهم وزهرة شبابهم للبناء والتنمية وصناعة الوطن والذود عنه بعزم لا يلين. ولا نامت اعين قلة قليلة من الجبناء التافهين المؤججين والمؤدلجين والخفافيش المصابين بطاعون الفشل الذين يتنعمون بخيرات الوطن ثم ينالون منه تحت عناوين وأجندات التيارات الجبانة الفاشلة العميلة العفنة ذات الأهداف الدنيئة، وما أعظم الفرق وأوسع البون بين هؤلاء الجبناء وبين بناة الوطن الغيارى على المملكة ومقدراتها. عاشت قواتنا المسلحة درع الوطن صاحبة الإنجازات الكبيرة.