قد لا يخطر ببال السياح الكثر المتجولين في العاصمة التاريخية إسطنبول انه على بعد ساعة من مركز المدينة هناك ما يشبه ساحة حرب. لكن هذه الساحة لا دماء فيها ولا دخان، وإنما استعراضات إعلامية للقوة العسكرية التي يتمتع بها المشاركون في المعرض الدولي للصناعات الدفاعية الذي بدأ أعماله في إسطنبول في السابع من أيار. تتوزع نماذج الدبابات و الطائرات و المعدات العسكرية الثقيلة على كلا الجانبين في في أجنحة المعرض الاثني عشر في حين تصدح من بعض المكبرات الصوتية مقاطع ومؤثرات صوتية تحاكي أصوات القصف و الطيران الحربي واطلاق الرصاص. ويسدل المعرض ستارته الجمعة على خمسين بلدا وسبعُمئة واحدى وثمانين شركة اجتمعت في تركيا وقدمت آخر تكنولوجياتها في مجال الدفاع. استقطب هذا المعرض نحو 500 وفد من 80 بلدا عربيا وأوروبيا من المهتمين بالمجال العسكري إضافة لوفود كبيرة من طلاب الأكاديميات والمدارس العسكرية في تركيا. وكان لافتا استعراض الشركات التركية التي شغلت القسم الأكبر من المعرض لمنتجاتها المصنعة محليا كمقاتلة هوركوش التدريبية ومنظومات خاصة بإدارة الصواريخ وآليات برية ورادارات ومنظومات رصد. فتركيا التي تنشط في كل الاتجاهات السياسية تطمح أيضا لان تصبح من الدول التي تعتمد على تصدير الأسلحة في العقد القادم. منذ عشرين عاما كنا نستورد جميع مركباتنا ومعداتنا القتالية من الدول الغربية كالولايات المتحدة الأميركية و فرنسا و إيطاليا، لكن اليوم جميع المنظومات البرية تم تصمميها وتطويرها وتنفيذها في تركيا كما نقوم بتصديرها إلى الأسواق الشرق أوسطية والعربية، بحسب ما قال مدير التسويق في شركة FNSS التركية هالوك بولوجور لبي بي سي. ويشير بولوجور الى أن حوالي 85 بالمئة من منتجات شركته تم تصديره في الأعوام السابقة، في حين تغطي المنتجات المحلية التركية ما يقارب نصف الاحتياجات العسكرية للبلاد، على تعبيره، لافتا الى أن تركيا تتطلع الى تصدير حوالي 10 – 15 مليار دولار من المنتجات العسكرية بحلول 2023. تركيا تتطور بسرعة لتصبح اهم المصدرين للمعدات الدفاعية لدولنا الصديقة. وبالفعل، بحسب الأرقام الرسمية التركية رفعت الشركات التركية العاملة في مجال الصناعات الدفاعية من حجم صادراتها بنسبة 12.6 بالمئة مقارنة بالعام المنصرم لتتجاوز 114 مليون دولار أميركي. وتتطلع انقرة للتوسع في السوق الشرق أوسطية و العربية كدول الخليج العربي مثل المملكة العربية السعودية و البحرين والإمارات التي كانت أيضا حاضرة في المعرض. وبحسب المدير التنفيذي المساعد في شركة توازن الإماراتية سيف بن علي المرزوقي نحن موجودون لأول مرة في معرض تركيا الدفاعي تحت مظلة دولة الإمارات .وجودنا هنا نابع من إحساسنا بأهمية المعرض و الشراكات الاستراتيجية التي تربطنا بالأتراك. وفي حين تتنافس الشركات الموجودة في المعرض الدولي للصناعات الدفاعية على إبراز القدرات العسكرية للدول التي تمثلها. لم تقتصر المعدات العسكرية المتواجدة على الآليات الدفاعية كما يوحي اسم المعرض. ففي احدى القاعات الضخمة كان مسؤول تطوير الأعمال في شركة TAI التركية يوركم بلغي منشغلا بشرح مواصفات طائرة T129 للصحفيين و الزوار الذين تحلقوا حول الطائرة التي عرضت بهيكلها الحقيقي للمرة الأولى . في الحقيقة هذه مروحية هجومية من طراز T129، لكن لهذا وظائف و تخصصات أخرى، يوضح بلغي ل بي بي سي. إنها ليست فقط متخصصة بالهجوم وإنما لها دور متعدد القتال وتحتوي على بعض الداعمات الدفاعية ، مثلا بإمكان هذه الطائرة استخدام صواريخ جو - جو للدفاع كما تحتوي على خاصيات الكترونية حربية للدفاع. إضافة لهذه الطائرة الملقبة ب أتاك أي ما يعني هجوم باللغة الإنكليزية ، كانت أيضا طائرة أف 16 الشهيرة تتوسط احدى أجنحة المعرض لتتحول فيما بعد إلى ما يشبه مقصدا سياحيا في المعرض إذ تجمع العديد من الزوار لالتقاط الصور على متنها. يرى بعض التخصصيين اختلافا نوعيا بطريقة تصنيع الأسلحة التي باتت تعتمد تقنيات أعلى للتوجيه الذكي و السرعة على حد وصفهم. بحسب العسكري السابق و الرئيس التنفيذي في شركة بركانالإماراتية سعيد بن خادم المنصوري، باتت المعارك الدفاعية موجهة عن بعد، وتركز الأسلحة الحديثة على تقليل الأضرار الجانبية اثناء قصف أهداف معينة. كما ان التوجيه الذكي للأسلحة والذخائر هي السمة البارزة على مستوى الصناعات الدفاعية. ويضيف المنصوري انه تم الاهتمام مؤخرا بالتوفيق بين الإمدادات العسكرية والمسافة موضحا أن كنت تريد الوصول لأبعد مسافة ممكنة يجب أن يكون الإمداد متوفرا دون تعقيدات. المعركة كلما طالت مسافاتها كلما تعقدت الإمدادات فيها.