تلعب اسرائيل دورا كبيرا في إشعال المواجهات الدائرة حاليا في أوسيتيا الجنوبية بين جورجيا وروسيا، وذلك من خلال تسليح الجيش الجورجي . جاء ذلك في الوقت الذي أعلنت مصادر بوزارة الدفاع الإسرائيلية أن تل أبيب لن توقف إمدادات السلاح لجورجيا، ولكن ستقلل من حجمها، خلافا لما تردد عن عزمها وقف هذه الإمدادات تماما . فقد كشفت صحيفة " يديعوت أحرونوت " الإسرائيلية أن تل أبيب لعبت دورا مهما، وبشكل غير مباشر في إشعال حرب القوقاز، وذلك بتشجيع الرئيس الجورجي ميخائيل سكاشفيلي على القيام بخطواته العسكرية الأخيرة مع روسيا تزويد جورجيا بالسلاح والعتاد العسكري . طالع : إسرائيل تجمد تسليح جورجيا خوفا من روسيا وأوضحت الصحيفة أن إسرائيل عقدت عددا كبيرا من الصفقات لتزويد جورجيا بالسلاح منذ سبع سنوات . وعن كيفية تزويد جورجيا بالسلاح، قالت الصحيفة الإسرائيلية إنها تمت بمبادرة من يهود هاجروا من جورجيا إلى إسرائيل، وتحولوا إلى رجال أعمال . وبعد أن اكتشف اليهود المهاجرون أن جورجيا تخصص ميزانيات كبيرة لاستيراد السلاح، فقاموا بالتوسط بين شركات إنتاج الأسلحة في إسرائيل والحكومة الجورجية التي رحبت بالأمر . وبحسب الصحيفة، فإن العلاقة بين إسرائيل وجورجيا توثقت إلى حد كبير بعدما تم تعيين دافيد كزرشفلي وزيرا للدفاع الجورجي، وكزرشفلي يهودي جورجي هاجر إلى إسرائيل، وحصل على الجنسية الإسرائيلية، ثم عاد إلى جورجيا؛ ليصبح الحزب الحاكم الذي يرأسه الرئيس سكاشفيلي . وبوصول كزرشفلي الذي يتقن اللغة العبرية بطلاقة لوزارة الدفاع، جعل - بحسب الصحيفة - بابه مفتوحا أمام تجار السلاح الإسرائيليين الذين عرضوا عليه منظومات سلاح من إنتاج إسرائيلي، وهو ما أثار حماسه لعقد صفقات مع إسرائيل رسمي .وفي الإطار ذاته أشارت الصحيفة إلى أن وزراء سابقين وجنرالات متقاعدين إسرائيليين حققوا ثراء فاحشا، بعد أن اكتشفوا حجم المكاسب الكامنة في تصدير السلاح لجورجيا، فحلوا محل المهاجرين من جورجيا، وأصبحوا ممثلين مقيمين من شركات السلاح الإسرائيلية في تبليسي ( عاصمة جورجيا ) . ومن بين هؤلاء الوزراء روني ميلو؛ الذي تبوأ عدة مناصب وزارية، منها : وزارة الشرطة، وأخوه شلومو، الذي شغل منصب المدير العام للصناعات العسكرية الإسرائيلية، وجنرالات الاحتياط مثل : جال هيرش، ويسرائيل زيف . وأكدت الصحيفة أن ميلو الذي كان يمثل شركة " البيت " لإنتاج التقنيات العسكرية نجح في إقناع جورجيا بشراء طائرات بدون طيار، وحجرات دبابات تلقائية، ومنظومات مضادات للطائرات، ومنظومات اتصال، وقذائف وصواريخ من أنواع أما الجنرال الإسرائيلي جال هيرش الذي تولى قيادة فرقة عسكرية في حرب لبنان الثانية، فقد قام بتدريب الجيش الجورجي على إقامة وحدات خاصة، وحاضر أمام قادة الجيش الجورجي حول كيفية إعادة تسليح الجيش، بالإضافة إلى قيامه بإعطاء مختلفة في مجال الاستخبارات القتالية، والقتال في المناطق المبنية . وأكدت الصحيفة أن جميع صفقات السلاح التي تم عقدها مع جورجيا كانت بموافقة وزارة الدفاع الإسرائيلية . تسليح محدود وفي إطار متصل، قال راديو إسرائيل إن وزارة الدفاع قررت أمس مواصلة إصدار تراخيص لتصدير أسلحة إلى جورجيا، ولكن بمعدل محدود وإشراف سري . ومنذ حوالي عام، قررت إسرائيل تقليل إمدادات أسلحتها إلى جورجيا، بحيث تتمثل في أسلحة دفاعية ومستشارين عسكريين . ونقلت وكالة الأنباء الفرنسية عن مسئول بالوزارة : " لا نريد أن نصبح ممول السلاح الرئيسي لجورجيا، فقيمة صادراتنا تراجعت إلى 200 مليون دولار خلال عامين ". وفي تفسيرها لهذا التراجع أشارت " يديعوت أحرونوت " إلى أن وزارة الخارجية الإسرائيلية، حذرت وزارة الدفاع من مغبة " إغضاب الثور الروسي الهائج " ، وتداعيات ذلك على علاقات روسيا بإسرائيل، في ظل الحرب الدائرة بين جورجيا وروسيا أوسيتيا الجنوبية منذ الخميس الماضي . وبرغم تأكيد الصحيفة أن إسرائيل تتعامل مع جورجيا كدولة صديقة، دعت " الخارجية " الإسرائيلية وزارة الدفاع أن تكون " أكثر انتقائية في المصادقة على الصفقات مع جورجيا خشية إغضاب روسيا ".وكانت صحيفة " هاآرتس " الإسرائيلية، وزارة الخارجية الإسرائيلية أعلنت تجميد إمداد جورجيا بالأسلحة، خشية أن تقوم موسكو بردة فعل انتقامية عبر بيعها معدات عسكرية متطورة إلى إيران، أو الدول العربية؛ مما يهدد التفوق الإسرائيلي العسكري القائم في المنطقة . ونقلت يدعوت أحرونوت عن مصدر أمني إسرائيلي قوله إن قيام الجيش الروسي بإسقاط ثلاث من الطائرات بدون طيار، والتي زودتها إسرائيل لجورجيا " كان تعبيرا عن الغضب الذي يعتمل في قلوب الروس من الخطوة الإسرائيلية ". ومما يذكر أن أحد السيناريوهات التي تداولها الإعلام الإسرائيلي لضرب المنشآت النووية الإيرانية كانت تقوم على استخدام الأراضي الجورجية في الانطلاق لهذه المهمة، على اعتبار أن هناك حدودا مشتركة بين جورجيا وإيران .