كشف المحقق العدلي اللبناني القاضي غسان منيف عويدات، التفاصيل الكاملة ل "تنظيم فتح الإسلام" برئاسة الفلسطيني شاكر العبسي، منذ لحظة نشوئه واحتلاله مخيم نهر البارد (شمال لبنان)، مروراً باستقطابه كثيراً من العناصر من الفلسطينيين واللبنانيين والسوريين، وكذلك من السعودية واليمن والأردن والجزائر وحتى روسيا، وصولاً إلى تفككه على يد الجيش اللبناني بعد معارك ضارية سنة 2007 أسفرت عن هدم المخيم المحصن جداً ووقوع مئات القتلى والجرحى من الطرفين. وادعى عويدات في القرار الظني الذي أصدره أخيراً وحصلت "الوطن" على نسخة منه، على كل عناصر التنظيم وعددهم 572 شخصاً، بينهم 62 سعوديا، طالبا لهم عقوبات تصل إلى الإعدام وأحالهم إلى المحاكمة أمام المجلس العدلي، وهو أعلى سلطة قضائية وأحكامها مبرمة. وأظهر القرار أيضاً أن بعض السعوديين كانوا قياديين، وأن بعضهم كان صلة وصل بين "فتح الإسلام" و"القاعدة"، أحدهم عبدالرحمن اليحيى (موقوف غيابياً)، والذي أوفده أيمن الظواهري إلى العبسي وسلمه دعماً مالياً، والثاني عبدالله بيشي (موقوف وجاهياً)، والذي أوفده أبو مصعب الزرقاوي لاستطلاع ماهية التنظيم ومبايعته ل "القاعدة". التشبه ب "القاعدة" ويروي في القرار، وهو نتيجة للتحقيقات التي أجرتها الضابطة العدلية اللبنانية واستغرقت سنوات، أن العبسي اتصل بمن شاركه الفكر واتصلت به جهات عدة وتتالت الاجتماعات واللقاءات فيما بينهم، وأنشأ بيوتا آمنة وخلايا مناصرة في طرابلس والقلمون وجونية وبيروت وعين الحلوة. واعتمد شاكر العبسي في تنظيمه هيكلية أرادت التشبه بتنظيم "القاعدة" وقام بالاتصال عبر الإنترنت وعبر المندوبين، بقياديين من "القاعدة" وبالمنسقين ،فأنيب إليه مبعوثون للوقوف على حقيقته وعلى حقيقة "فتح الإسلام" تمهيدا للمبايعة، ومن بين هؤلاء كل من المدعى عليهم (السعودي) عبد الله بيشي الملقب ب "أبو عبد الرحمن"، وهاني بدر السنكري الملقب ب "أبو الياس"، وعبد الرحمن اليحيى الملقب ب "طلحة". ويركز القرار في مستهله على مسألة التمويل المالي للتنظيم وقيامه بسرقة عدد من المصارف، إذ تبين من خلال الكشف على الحسابات الشخصية للمدعى عليهم في المصارف متى وجدت، أنها كانت من حصيلة السرقات، وكذلك من الأموال التي يأتي بها الوافدون، والتي يبعث بها المنسقون ومن الهبات وأموال الزكاة. وكانت الأموال تلك تنقل باليد ولا توضع أو تمر عبر المصارف إلا بكميات ضئيلة كي لا تثير الشبهات. فتوى السرقات إلا أن السرقات تلك التي أفتى بشرعيتها العبسي واللجنة الشرعية، خلقت تململاً بين المناصرين الذين بدؤوا يتساءلون عن صوابية تلك العمليات وعن الارتباط الفعلي ل "فتح الإسلام". وأمام هذا التململ والارتياب حول مشروع العبسي وحقيقة وجود المبايعة، عقد هذا الأخير اجتماعا تضمن نحو 60 عنصراً أكد لهم فيه قيام "القاعدة" بقبول مبايعة "فتح الإسلام" لها، متذرعا بأن "أبو حمزة المهاجر" بعث له مع صهره المدعى عليه محمد أحمد طيورة الملقب ب "أبو الليث" بمسدس غلوك تصديقا على قبول المبايعة. والحقيقة هي أن المبايعة لم تتم، إذ أخفى العبسي عن أعوانه أنه بعث مع "أبو الليث" برسالة يوضح فيها برنامجه، ويؤكد فيها حسن نواياه ويطلب فيها إعادة النظر في موقف "القاعدة" لقبول مبايعة "فتح الإسلام" لها، والرسالة تلك لم تصل إلى "القاعدة" بسبب مقتل "أبو الليث" عند الحدود السورية العراقية. منسق "القاعدة" والدليل أيضاً على أن المبايعة لم تتم ما جاء في إفادة محمد صالح زواوي الملقب ب "أبو سليم طه"، وإفادة عبد الله بيشي الملقب ب "أبو عبد الرحمن"، منسق القاعدة الذي رأى في تصرف "فتح الإسلام" غلواً.. وأصبحت جماعة "فتح الإسلام" لا ترتبط بتنظيم القاعدة، بل سعت إلى علاقة بها وتقوم بتنفيذ مشروعها الخاص بها بعدما أرضت الجميع بوعودها، ألا وهي، كما أعلنت عنها مرارا وتكرارا، نصرة أهل السنة وإنشاء إمارة في شمال لبنان، عبر زرع الفتن و زعزعة الأمن في البلاد وخلق حالة من الفوضى وعدم الاستقرار عن طريق استهداف مؤسسات الجيش ومراكز قوى الأمن كالقيام برمي قنابل يدوية على حاجز الجيش في البربير وعلى ثكنة الحلو، والتخطيط لاغتيال بعض الشخصيات السياسية والأمنية، ومحاربة "الرافضة"، وضرب القوات الدولية في الجنوب، وضرب بعض المرافق السياحية كالتخطيط لنسف فندق الفينيسيا والأماكن التي تباع فيها الخمور والمرابع الليلية. وجاءت المعارك مع الجيش والقوى الأمنية لتحول دون الوصول إلى تلك الأهداف. فبتاريخ 20-5-2007 داهمت عناصر تابعة لقوى الأمن الداخلى مجمع الروبي روز في شارع ال 200 في طرابلس، بغية إلقاء القبض على كل من المدعى عليهم الذين أقدموا على سرقة بنك المتوسط والذين لجؤوا إلى الشقق فحصل اشتباك مسلح توسعت رقعته، إذ قامت مجموعات تنتمي للعبسي بالهجوم على الجيش في المحمرة، واستمرت المعارك لغاية 2-9-2007 مخلفة وراءها قتلى وجرحى وخرابا ودمارا. من سورية إلى لبنان أما المدعى عليه محمد صالح زواوي (فلسطيني سوري) والملقب ب "أبو سليم طه" و"أبو عبد الرحمن" و"أبو عمر" و"أبو فاطمة"، فأوضح أنه في عام 2005 بدأت الحكومة السورية بالتشدد على دخول المجاهدين إلى العراق بعد أن كانت تغض الطرف عن ذلك، فدخل هو وأبو بكر الشرعي وأبو الشهيد إلى لبنان بعدما اتصلوا بالمدعى عليه محمد أحمد طيورة الملقب بأبو الليث ليتدربوا في معسكرات فتح الانتفاضة، على الحدود السورية - اللبنانية ومنها جاؤوا إلى مخيمات لبنان، وبعدها أخذت العناصر تتوافد إلى لبنان، وقام محمد إبراهيم منغاني الملقب ب "أبو اليمان" أمير التزوير بتأمين الأوراق المزورة لهم ووزعت العناصر بين مخيمات برج البراجنة وشاتيلا ومار الياس والبداوي، وكان المدعى عليه فايز عبدان الملقب ب "أبو البراء" يقوم بنقلهم في سيارته الخاصة من نوع مرسيدس. في 26-11-2006 أعلن قيام حركة "فتح الإسلام" وعينه العبسي ناطقاً رسمياً ومسؤولاً عن لجنة التنسيق ومهامها جلب المال والتجنيد. وفي 30-11-2006 ذهب إلى البارد. ويقول زواوي إنه توجد فتاوى جاهزة وضعها أبو محمد المقدسي الموجود في الأردن تقرؤها اللجنة الشرعية وتسلمها للمنفذ، وقام على أساسها إبراهيم عمر محمد عبد الوهاب الملقب ب "أبو مدين" بالتخطيط لسرقة بنك في طرابلس ونفذ العملية أبو الزبير وحنظلة الفلسطيني بعدما حلقا ذقنيهما. مصادر التمويل وأكد زواوي أن مصادر تمويل فتح الإسلام كانت كالتالي: • أبو ريتاج (السعودي صالح علي عمر المقدع النهدي، قتل): ثلاثة أو أربعة منسقين يرسلون إليه المال من السعودية بواسطة "وسترن يونيون" فيقبضه أبو يزن مستعملا هوية مزورة باسم حنا عيسى عازار، وبلغت الأموال 600 ألف دولار. • السعوديون الذين كانوا يأتون من الخارج ويحملون الأموال معهم. • مردود السرقات: كورنيش المزرعة (فرح و أبو يزن و أبو الشهيد وأبو لؤي) 50 ألف دولار. صيدا (أبو الزبير و أبو عمر و أبو هاجر ) 30 ألف دولار. طرابلس (أبو يزن وأبو عمر الحموي وأبو الزبير). أميون (أبو يزن مع أبو العباس وصدام الحاج ديب) 150 ألف دولار. • أبو يوسف الجزراوي من أبو حمزة المهاجر 160 ألف دولار. • المساعدات: زكاة وهبات. • "طلحة السعودي" (عبد الرحمن يحيى عبد العزيز اليحيى، موقوف غيابياً)، أرسله أيمن الظواهري وأعطى شاكر العبسي 50 ألف دولار، أقام في طرابلس وصرف 500 ألف دولار. • عياش، وهو المدعى عليه أحمد مرعي.