كمن امس عناصر من مخابرات الجيش اللبناني، وبناء على معلومات مسبقة وبعد متابعة امنية طويلة، لفلسطينيين مطلوبين من مخيم عين الحلوة اثناء توجههما الى البقاع، وأوقعوا بهما في ساحة شتورة، ما ادى الى مقتلهما. وتعددت المعلومات عن هويتهما بعدما وجد في حوزتهما عشر هويات مزورة، مع ترجيح ان يكونا عبدالرحمن عوض الذي تولى إمارة تنظيم «فتح الاسلام» بعد اختفاء زعيمه السابق شاكر العبسي، ومرافقه محمد الدوخي الملقب ب «خردق»، المطلوبين بعشرات مذكرات التوقيف الغيابية. ويذكر ان عوض مطلوب بتهم عدة منها تفجيرات في صيدا وأعمال مسلحة في مخيم عين الحلوة والتحضير لعمليات سلب وسطو لجمع الأموال لشراء الاسلحة والمتفجرات لضرب قوات «يونيفيل»، وتردد اسمه في اعترافات لموقوفين لدى القضاء اللبناني على علاقة بعبوات لاستهداف القوات الدولية وفي تفجير حافلات تعود الى الجيش اللبناني في طرابلس وعكار. وكانت المعلومات التي توافرت لمخابرات الجيش منذ ثلاثة اسابيع ان عوض ينوي مغادرة مخيم عين الحلوة في اتجاه العراق عن طريق سورية براً، بعدما ضاقت به سبل الحياة، خصوصاً انه ملاحق باستمرار وعلى خلاف مع حركة «فتح» و «عصبة الانصار» وخاف على نفسه من ان يبيعه اقرب الناس اليه لتسليمه الى الاجهزة الامنية اللبنانية، ومنذ ذلك الحين استعدت هذه الاجهزة لاحتمال مغادرته المخيم سراً. وعلمت «الحياة» ان مديرية المخابرات في الجيش خططت لإلقاء القبض عليه حين علمت بمغادرته المخيم امس، برفقة فلسطيني آخر في اتجاه البقاع، وفي العاشرة والنصف قبل الظهر، ولدى توقف المطلوبين ويحملان هوية باسم حسين علي حمزة وأخرى باسم شحادة الجوهري في ساحة شتورة، كان الاتفاق بأن تتوقف لهما سيارة اجرة من نوع «مرسيدس» زيتية اللون من نوع 230 قديمة الصنع. ولدى وصولهما الى داخل السيارة ادركا وقوعهما في كمين مسلح لدى تقدم عناصر مخابرات الجيش التي عرّفت عن نفسها. عندها اخرج المسلحان مسدسين كانا يخبئانهما في الجوارب وأطلقا النار، ما دفع عناصر مخابرات الجيش الى الرد فأردوا المطلوبين ولم يصب احد منهم بأذى. ونقل القتيلان الى مستشفى الياس الهراوي الحكومي في زحلة، وسارعت وحدات من الجيش والقوى الامنية الى فرض طوق امني حول مكان الحادث وغيرت اتجاه السير، فيما حضرت الادلة الجنائية والشرطة العسكرية التي باشرت تحقيقاتها. وعلمت «الحياة» ان الطبيب الشرعي علي سلمان كشف على الجثتين وتبين له ان احدهما مصاب بتسع رصاصات والآخر بثلاث. وسحبت عيّنات من دمهما لاخضاعها لفحص الحمض النووي (دي أن إي). بيان مديرية التوجيه ولاحقاً اصدرت مديرية التوجيه في الجيش اللبناني بياناً مقتضباً عن الحادث جاء فيه: «بنتيجة المتابعة والتحريات قامت دورية من مديرية المخابرات في الجيش برصد ارهابيين وتعقبهما، وعندما حاولت الدورية توقيفهما في ساحة شتورة قبل ظهر اليوم (امس)، بادرا الى اطلاق النار باتجاه عناصر الدورية الذين ردّوا بالمثل، ما ادى الى مقتل الارهابيين ونقلت جثتاهما الى احد مستشفيات المنطقة وصودرت الاسلحة المستخدمة والهويات المزورة التي كانت بحوزتهما وبوشر التحقيق». ومع انتشار الخبر، اتخذ الجيش اللبناني اجراءات احترازية في محيط مخيم عين الحلوة وعند مداخله منعاً لحصول بلبلة. مخيم عين الحلوة ولاحقاً، أكّد قائد «الكفاح المسلح» الفلسطيني في مخيم عين الحلوة العقيد محمود عبد الحميد عيسى، الملقب ل «لينو»، في اتصال مع موقع «ناو لبنانون» مقتل عوض، قائلاً «إن الأمور هادئة الآن داخل المخيم وعيوننا مفتوحة واتخذنا الاحتياطات اللازمة، ونعمل على التأكد من هوية القتيل الثاني الذي قد يكون أبو بكر غازي مبارك لأننا شاهدنا قبل قليل محمد الدوخي»، مشيراً الى أن «لا حركة داخل المخيم غير عادية ونحن موجودون في مراكزنا وفي حال انتظار وتأهّب». وذكرت مصادر فلسطينية داخل المخيم أن «الجيش اللبناني استدعى قائد الفرقة الفنية في حركة «فتح» في مخيم عين الحلوة أحمد عوض، الملقّب ب «شبل»، وتمكن الأخير من التعرّف الى شقيقه القتيل، وطُلب منه كشف هوية القتيل الثاني الذي كان برفقة عوض، فقال إنه محمد الدوخي الملقب ب «خردق»، مشيراً الى «فار ثالث هو أبو بكر مبارك». لكن مصادر امنية نفت ل«الحياة» ان يكون احمد عوض تعرف الى جثة شقيقه. واحتشدت عشرات النسوة داخل منزل عبد الرحمن عوض وفي محيطه، ويقع في حي الذيب بمحاذاة جامع الجميزة. وسبق لعوض ان غادر لبنان عام 2003 متنكراً بزي امرأة وتوجه الى العراق لمحاربة القوات الاميركية، وهناك تعرف الى ابو مصعب الزرقاوي وبايعه وكان مسؤولاً عن «مجموعات جهادية». وبعد مقتل الزرقاوي عاد عوض براً عبر سورية ودخل لبنان خلسة ووصل الى مخيم عين الحلوة وراح يجند شباناً لمقاتلة الاميركيين ويرسلهم الى العراق للخضوع الى دورات تدريب على الاسلحة والقتال هناك، ولدى اندلاع معارك مخيم نهر البارد التي خاضها تنظيم «فتح الاسلام» ضد الجيش اللبناني، ساهم عوض في تجنيد الشبان للانخراط في هذا التنظيم. وحاول فتح معركة ضد الجيش في مخيم عين الحلوة مستعيناً بعناصر من «جند الشام» لتخفيف الضغط عن نهر البارد، وأمر بتنفيذ تفجيرات عدة ضد الجيش في مناطق سكنية وأسواق تجارية انتقاماً. وكانت الاجهزة الامنية تمنّي النفس دائماً بإلقاء القبض على عوض حياً نظراً الى الأسرار التي يملكها عن الجماعات الارهابية الناشطة في لبنان. وهي تعتبره اخطر ارهابي على الاراضي اللبنانية.