سبحان الله. كان الاتصال بين الناس عن طريق الكلمة المكتوبة. (البرقية) وضحكنا من ذا الزمن. ثم عدنا إليه وصرنا – وبنسبة كبيرة - نتخاطب بواسطة الكلمة المكتوبة (الرسائل النصية) أو "الماسيج" أهذا تراجع إلى الوراء! أم أن الحياة كلها سحر غريب عجيب؟ اسم البرقية من "البرق"، كناية عن السرعة، وحتى منتصف القرن الميلادي الماضي كانت تقريباً الوسيلة المتاحة للاتصال بين البلدان. وتاريخ الجزيرة العربية شهد بأنها كانت ذراعاً أمنية ومعلوماتية بين أهل الشأن وعمالهم على المناطق. ويجري إرسال البرقيات في معظم البلاد الموجودة بها هذه الخدمة بوساطة فرد مختص، حيث يقوم هذا الفرد بتبليغ الرسالة عن طريق شفرة كتابية تُسمى (مورس) بطريقة معينة. ويستطيع الفرد أن يذهب إلى مكتب البرق العام ويكتب رسالته على نموذج معين. ثم يتم تسجيل البرقيات التي تم إرسالها بوساطة عامل متخصص، ثم يقوم العامل بالضغط على مفتاح المرسلة دقات محددة لكي يتم إرسال الرسالة، الرسالة كلها إلى مستقبل في المنطقة الأخرى، ليقوم عامل آخر بكتابة المحتوى والبحث عن الشخص وتسليمه الرسالة. وقسم كبير من عامة الناس عندنا لا يكاد يعرف البرقية إلا بكلمة "التيل" وقد أخذوها من أصلها الإنجليزي (Tel) من (tele) هي حروف سابقة لكل ما يعني "التخاطب عن بُعد" ومنها جاءت كلمة تلغراف وتلفون وتيليبرينتر. والمتتبع لوسائل الاتصال يجد أن البرقية عاشت معنا زمناً طويلاً، ولا نعرف غيرها غير المراسلات الخطية والمشافهة. وعلى عكس مخترعات الاتصال التي تلت. فالتلفون (أبو هندل) لم يدم طويلاً، ثم تلاه الهاتف الميكانيكي الذي لا يحتاج إلا إلى بدالة واحدة، ثم الأوتوماتيكي ذو الأزرار ولم يدم التلكس طويلاً، ولا البيجر اللذان لم نلحق حتى على أن نبحث لهما عن اسم عربي. وكان الهاتف هاجساً أمنياً عند الكثير من الدول، فالخوف كان من احتمال سرعة النقل وإصدار أوامر التجمع وأماكن الحشود واللقاءات النقابية وتحريكها، إلى الوجهات المطلوبة، لذا فكانت الهواتف الثابتة قديماً هدفاً للمراقبة والفصل عند الشك والريبة. مرحلة بسيطة جداً بين ظهور النقال ووضع "الفيس بوك" في متناول أيدي طالبيه ومستخدميه في أمن وأمان. استطاعت الحكومات في القدم أن تجعل اللاسلكي وسيلة توجيه ومراقبة وضبط وتحكّم وسيطرة. وهانحن نرى المخترعين الآن يخيّبون آمال من كانوا يعتمدون عليهم. فأعطونا تويتر وفيس بوك وتشات وماسينجر. تحدّث ، دبّر، ارسم، عمم، سيّر. (على كيفك).