امتلأت السجون بمنتظري المصير المجهول ..والعلاقات الاجتماعية أنصرم حبلها المتين ...والرحم تعلقت بالعرش تشكو الهجر والقطيعة..... والعيادات النفسية امتلأت بمرضى الاكتئاب والأمراض النفسية وارتفعت نسبة الاصابة بمرض السكري وضغط الدم والسبب من وجهة نظري هو ثوران انفعالي غير منضبط كانت بدايته شرارة صغيرة حقيرة اذكتها رياح الجهل بمهارات التعامل مع الغضب وضعف الثقة بالنفس كون الغاضب يريد أن يثبت للآخرين قوته وجبروته وعدم خضوعه للإهانة بزعمه أو استرداد حق مسلوب وكأنه يعيش قبل التاريخ حيث لا حكومات ولا محاكم فيعتدي باللفظ أو بالفعل ثم لا يفيق إلا على كارثة أمامه أما قتل أو إصابة أو مشكلة تتفرع أغصانها إلى عائلته وقبيلته ومن ثم سلسلة لا نهاية لها وكان الأجدر أن يتعلم ويتفقه ويدرب نفسه مرارا وتكرارا على مهارات التعامل مع الغضب حتى يتقي عواقبا وخيمة هو في غنى عنها ومن أعظم المهارات النافعة والشافية هي اللجوء إلى الله والدعاء بالعافية من هذه العادة القبيحة والتي تتحول إلى مرض عضال يصعب التخلص منه ثم تطبيق هدي محمد صلى الله عليه وسلم و وصيته الخالدة والتي كررها ثلاثا والتكرار دلالة على أهمية الوصية والتأكيد على خطورة تجاهلها ( لا تغضب) نعم (لا تغضب) فالنفس داعية إلى الطغيان والغضب سمة من سمات بني ادم وغريزة فطرية أودعها الله فيه ليحدث التوازن الحياتي والدفاع الذاتي في حالة الاعتداء او الشعور بانتهاك الحمى ولكن إطلاق عنانها بلاقيود اوضوابط قد يجعل الغاضب يدفع ضرائبا باهظة لذلك الانفعال الغير منضبط من ماله أو نفسة أو صحته أو حتى حياته. على الغاضب او الثائر ان يغير وضعية جسده فإن كان قائما فليجلس وان كان كان جالسا فليضطجع أو يتوضأ لأن الغضب نار يخمد أوارها إلا الماء وعليه الاستعاذة بالله من الشيطان لأن مراد الشيطان ايذاء المؤمن وإيقاعه في الذنوب واهمها الطلاق والقتل كما أوضحه رسولنا الكريم إضافة إلى ادخال الحزن على المومن (ليحزن الذين آمنوا). على الغاضب أن يتنفس بعمق ويشد على كفيه ببعضهما ويعد إلى العشرة وان جعلها تسبيحات عشر أو استعاذات من الشيطان فقد افلح ثم يفككها بهدوء (والكاظمين الغيظ والعافين عن الناس ) لم يكتفي بالحفاظ على صحته الجسدية والنفسية فحسب بل انه يرتقي بأخلاقه فيصفح ويعفوا (وأولئك هم المفلحون) فلاح في الدنيا وسعادة وراحة بال وفلاح في الآخرة بامتثال أمر الله والاقتداء بسيد الخلق في حلمه وتعقله وهدوئه حتى انه لايغضب أبدا إلا إذا انتهك حدا من حدود الله وتلك هي الغضبة المحمودة وما سواها فضغط وسكر واكتئاب إذا أنجاه الله من السجون والمحاكم. إذا علمنا أن الغضب بدرجاته الممقوته عادة مكتسبة وليست طبيعة أو فطرة كما يحتج بذلك من ضعفت نفسه أمام العادة وشهوة الانتقام او من أطبق عليه جهله فإن علاجها سهل للغاية ولا يتطلب ذلك سوى وقفة عقلانية وحوار هادىء مع النفس ثم عمل بعض التمارين البسيطة السابقة والاستمرار عليها حتى يستطيع التغلب على تلك العادة بسهولة واغلب العادات يحتاج تغييرها إلى ثلاثة أسابيع حتى يتخلص منها ويستبدلها بعادة جديدة وشخصية هادئة متعقلة متزنة ينعم معها بالراحة النفسية والسلامة من المشاكل متى ما ادرك انه لن يعيش في الدنيا إلا مرة واحدة ومن حقه أن يستمتع بهذه الحياة ويعيشها بسعادة نفسية وصحية واجتماعية. هنا اعتقد أن السجون ستغلق. نورة القحطاني