من نِعم الله تعالى على عِباده أن فتَح لهم أبواب الخيرات مابيْن النوافل والفرائضِ والطاعات ,و ليس في الليالي والأيام، وإنما في اللحظات, و لا يزال المسلمُ ينقضِي من عبادة ، إلا و تحلُّ عليه عِباداتٌ, فهذا مهَلّل وذاك مكَبّرٌ، وهذا ساجد وهذا مؤذّنٌ، والآخر مُصَلٍّ وهذا صائم، وذاك حاجٌّ .والله جلّ جلالُه يعطي على القليل الثواب الكثير أضعافا مضاعفةً. والحج شعِيرةٌ دينيةٌ عظيمة وتواصلٌ ولقاء، يلتقي المسلمون ببعض على اختلاف أجناسهم وجنسياتهم ولغاتِهم, تخفق الأفئدةُ شوقًا لربّها ,ودموعُهم لها بريقٌ في العيون والوجَنات. بذلوا النفيسَ منَ المشاق البدنيةِ والمالية والنفسية ِوغيرها،ملبّين مجيبين داعيَ الله قال الله تعالى:( وَأَذِّن فِي النَّاسِ بِالْحَجِّ يَأْتُوكَ رِجَالًا وَعَلَىٰ كُلِّ ضَامِرٍ يَأْتِينَ مِن كُلِّ فَجٍّ عَمِيقٍ ) الحج: ومن رحمة الله تعالى أن فرَض الحجَّ مرّة واحدة في العُمر،وما زاد فهو تطوُّعٌ، قال تعالى:( وَلِلّه عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْه سَبِيلاً) آلُ عمرانَ ،وقال النبي صلى الله عليه وسلم (بُنِيَ الإِسْلَامُ عَلَى خَمْسٍ: شَهَادَةِ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَأَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ، وَإِقَامِ الصَّلَاةِ، وَإِيتَاءِ الزَّكَاةِ، وَالحَجِّ، وَصَوْمِ رَمَضَانَ) متفقٌ عليه. وفيه عَشرُ ذِي الحجة ، التي عظَّمها الله وأقسَم بها تشريفًا لها , قال تعالى:( وَالْفَجْرِ* وَلَيَالٍ عَشْرٍ),الفجر, و قال صلى الله عليه وسلم: ( مَا الْعَمَلُ فِي أَيَّامٍ أَفْضَلَ مِنْهَا فِي هَذِهِ. قَالُوا: ولا الْجِهَادُ، قَالَ: وَلا الْجِهَادُ، إِلا رَجُلٌ خَرَجَ يُخَاطِرُ بِنَفْسِهِ وَمَالِهِ فَلَمْ يَرْجِعْ بِشَيْءٍ) رواه البخاري. فهي من أفضل الأيام ،واستهلال لشهر الله المحرّم ذي الحجةِ ،عن أبي هريرةَ رضِي الله عنه ,قال: سئِل النبيُّ صلى الله عليه وسلم:أيُّ الأعمال أفضل؟ قال:(إيمانٌ بالله ورسولِه)، قيل:ثم ماذا؟ قال:(جهاد في سبيل الله)، قيل: ثم ماذا؟ قال: (حج مبرورٌ) متفَق عليه.وفيها يومُ عرَفةَ الذي يغفِرُ الله لعِباده فيه مغفرةً واسعةً ، قال صلى الله عليه و سلم:( مَا مِنْ يَوْمٍ أَكْثَرَ مِنْ أَنْ يُعْتِقَ اللهُ فِيهِ عَبْدًا مِنَ النَّارِ، مِنْ يَوْمِ عَرَفَةَ، وَإِنَّهُ لَيَدْنُو، ثُمَّ يُبَاهِي بِهِمِ الْمَلَائِكَةَ، فَيَقُولُ: مَا أَرَادَ هَؤُلَاءِ؟) رواهُ مسلِم . وفي العشر يوم الحج الأكبر،و أكثر أعمال الحج ومناسكه، وفيه يهريق الموحدون دماء هداياهم وأضاحيهم لله عزّ وجل نسكًا ونحرًا, فتتجلّى أعظمُ معاني التوحيدِ و العبودية و التقربِ لله. وفي العَشر الأولى من ذي الحجة يشرَع التكبير منذ رؤية هلالِ ذي الحجة وفيه يوم عرفة وهو اليوم التاسع من ذي الحجة ،قال صلى الله عليه وسلم صِيَامُ يَوْمِ عَرَفَةَ ، أَحْتَسِبُ عَلَى اللَّهِ أَنْ يُكَفِّرَ السَّنَةَ الَّتِي قَبْلَهُ ، وَالسَّنَةَ الَّتِي بَعْدَهُ ، وَصِيَامُ يَوْمِ عَاشُورَاءَ ، أَحْتَسِبُ عَلَى اللَّهِ أَنْ يُكَفِّرَ السَّنَةَ الَّتِي قَبْلَهُ) رواه مسلم. فعلَى المسلم اغتنامُ مواسمِ الخيرات التي تمرُّ به في الأيام و اللحظات.