حالة من الغضب تسود الشارع الرياضي على الإسباني لوبيز كارو مدرب المنتخب السعودي لكرة القدم بعد الإخفاق في خليجي22، وهذه الحالة لم تكن وليدة اللحظة، لكنها وصلت إلى مرحلة الاحتقان بعد ضياع التتويج باللقب في الرياض والذي ذهب لصالح المنتخب القطري البطل غير المرشح لنيل الكأس. الجماهير السعودية في معظمها لم تكن على قناعة تامة حول استمرار لوبيز مدربًا للأخضر، لكن مع إصرار الاتحاد السعودي على بقائه لم تجد بدًا سوى تقبل الأمر الواقع والالتفاف حول الأخضر من باب الوطنية، وليس عن اقتناع بما يقدمه اللاعبون أو المدرب خلال المباريات. نعم هناك خلل، والعربة خرجت عن سكة الإنجازات والانتصارات والمستويات، وجميعنا يسهب في الأسباب. عندما نروى حكاية الفتى الأخضر الذي صال وجال وجار عليه الزمن، وتربع على قمة القارة الصفراء، ورسم الفرحة على وجوه الملايين، وأسعد شعبه وقيادته، ولكن طرح الحلول خجولة حتى باتت الكرة السعودية مثل القارب في بحر هائج تتقاذفه الأمواج هنا وهناك. لكن في وسط حالة الحزن يجب ألا نغفل الجوانب الأخرى التي أدت بالأخضر إلى ما هو عليه الآن، فالمدرب ليس كل المشكلة وإنما هو جزء منها، وأنا هنا لا أدافع عن المدرب أو أطالب ببقائه، فالرحيل هو الحل الأمثل في الوقت الحالي بعدما ظهر إفلاسه الخططي في البطولة الخليجية، وإنما أطالب بالنظر إلى المعضلة ككل لا نأخذ جزءًا ونترك جزءًا. هذا إذا كنا نريد فعلًا البحث عن حلول حقيقية وواقعية لإعادة وهج الأخضر لاسيما، وإننا مقبلون على كأس أمم آسيا 2015 بأستراليا. الكرة السعودية تعيش صخبًا كبيرًا. تصبح وتمسي وهي تسبح في النقد المشروع وغير المشروع. تموت ألف مرة بأقلام وأصوات أبنائها. والخروج عن النص قاعدة والباقي استثناء. لكن لا أحد يضع حلولًا جذرية لما تعانيه من تدهور وهذا لب المعضلة، فنحن بحاجة إلى وقفة مع أنفسنا من أجل وضع خطط لإنقاذ ما يمكن إنقاذه في الأمد القريب، ومن ثم التوجه لتعديل منظومة كرة القدم ككل من خلال خطة بعيدة المدى كإعادة هيكلة المسابقات لاسيما على مستوى الناشئين والشباب والنظر في لوائح الاحتراف بوضع قوانين تسهل عملية احتراف اللاعبين خارجيًا فليس من المعقول أن يكون لدينا كم هائل من المواهب ولا يوجد محترفون خارجيًا باستثناء لاعب أو اثنين في أندية مغمورة أوروبيًا. لا يمكن بأي حال من الأحوال أن يكون هناك منتخب قوي بدون أن يكون هناك أندية تعمل وتفكر وتنتج، وهذه المعادلة غير موجودة حاليًا في المنتخب السعودي. أضف إلى ذلك أن اللاعب السعودي تشبّع ماديًا فلم يعُد المنتخب يشكّل له إضافة مادية أو حتى معنوية والدليل غياب الروح والقتالية والمبادرة والفعالية داخل المستطيل الأخضر. رغم تميّز اللاعب السعودي بالمهارة الفنية العالية. تغيير المدرب هو الحل الأسهل والأسرع، لكن إذا بقى الحال على ما هو عليه فلن يجدي تغيير المدرب نفعًا، وسيبقى تغيير المدربين مسلسلًا مكسيكيًا نعيش أحداثه المملة، لكن ستبقى الأزمة على حالها والكلمات تبقى ذاتها في النقد والهجوم. كثير من المدربين مروا على تدريب الأخضر خلال السنوات الاخيرة فالأرجنتيني كالديرون كان كبش فداء للإخفاق في بطولة غرب آسيا في قطر، وكذلك ذهب بسيرو ضحية الإخفاق في كأس آسيا في قطر أيضًا، وجاء بدلًا منه ناصر الجوهر وخرجنا من الدور الأول، والحال نفسه ينطبق على الهولندي فرانك ريكارد الذي ذهب هو الآخر ضحية خليجي21 عقب الفشل في تصفيات كأس آسيا المؤهلة لكأس العالم 2010، فرحل غير مأسوف عليه بعدما كبد خزائن الاتحاد السعودي مبالغ طائلة ما زال يعاني منها حتى الآن، وكأن الإخفاق معجم يرجع له الجمهور وقت إخفاق الأخضر لتتداول نفس الكلمات والجمل وحتى الأحرف والفواصل والنقط. لكن السؤال الذي يفرض نفسه دومًا: هل كل المدربين الذين مروا علينا على خطأ ونحن فقط على صواب؟ سؤال يبحث عن إجابة لتشخيص الواقع فهل من مجيب لتهدأ الأعصاب المشدودة؟ مقالة للكاتب عيسى الجوكم عن جريدة اليوم