في عام 1995م قمت بعمل حوار صحفي لصالح صحيفة عكاظ مع السيد جواو هافيلانج رئيس الاتحاد الدولي لكرة القدم حينها وكان متواجدا في الرياض ، وسألته لماذا لا نلغى حالة التسلل التي عليها الكثير من اللغط والهرج والمرج والإشكالات فرد بحدة ان أجمل مافي كرة القدم هي حالة التسلل والجدال والنقاشات التي تتم بعد كل حاله ، هذا يجعل كرة القدم أكثر تشويقا وتميزا ، فقلت للسيد هافيلانج ولماذا لا تستخدم التكنولوجيا في مثل هذا الأمر الحساس والهام في تحديد نتائج المباريات خصوصا وان كرة القدم أصبحت صناعة وتدر الملايين والدول تخسر الملايين من اجل تحقيق البطولات وقد يؤثر بشكل قوي قرار حكم مساعد في عدم احتساب الأهداف؟ وعندها ثار رئيس الاتحاد الدولي لكرة القدم وقال لن اسمح ما دمت رئيسا للفيفا بدخول أي تقنية في مجال اللعبة الأكثر شعبية في العالم وان هذا الاهتمام والتشويق في مجال اللعبة هو نتاج " عادية " اللعبة وعدم العبث بمكوناتها الأساسية ودخول التكنولوجيا سيؤثر على جمالية اللعبة وتفاعل الجماهير معها . بالأمس وفي يوم تاريخي وهو الخامس من يوليو 2012م وبعد ( 127) سنه على قيام منظومة ( ايفاب ) وهي المختصة في إحداث أي تغيير على لعبة كرة القدم ، وافقت هذه المنظمة العالمية على استخدام التكنولوجيا على خط المرمى لاحتساب أو عدم احتساب الأهداف، وللإيضاح فان هذه المنظمة الدولية تتكون من ثمانية أعضاء هم أربعة يمثلون الدول التي أسست كرة القدم ( انجلترا واسكتلندا وويلز وايرلندا الشمالية ) وأربعة أعضاء يمثلون الفيفا ويجتمعون مرتين في العام خلال شهري مارس وسبتمبر وهم فقط لهم حق تغيير أي جزئية في لعبة كرة القدم ( قانون اللعبة ) والفيفا فقط يوافق على ما تتخذه هذه المنظمة أو يعرض عليها ما يرغب في تغييره أو تطويره ( وبالمناسبة أعضاء هذه اللجنة ليس بينهم قانوني واحد وإنما أشخاص لهم علاقة بكرة القدم وكان عبدالله الدبل يرحمه الله عضوا بها لمدة ثمان سنوات ) . ومن خلال تجربتي وخبرتي أؤكد ان التكنولوجيا سوف تدخل في عالم كرة القدم بشكل قوي رغم تأكيد السيد بلاتر في اجتماع الأمس بان التكنولوجيا ستتوقف عند هذا الحد في مجال اللعبة ، ولكنني على يقين ان الخطوة التالية ستكون حالة التسلل وارى ان الأعوام العشرة القادمة ستكون كفيلة باقتناع هذه المنظمة ( الايفاب ) بدراسة الموضوع واتخاذ اللازم بشأنه وهو اعتماد التكنولوجيا في احتساب حالة التسلل . كنت في مقالات سابقة وتحديدا في العام 2006م طالبت بزيادة حكام لعبة كرة القدم إلى عشرة حكام أسوة بالعاب كثيرة ككرة السلة والتنس الأرضي وغيرها والتي لا تصرف عشر ما يصرف على كرة القدم التي أمضت قرنا ونصف بحكامها الثلاثة دون تغيير ولا زلت عند مطالبي السابقة بأهمية زيادة عدد الحكام للتقليل من الأخطاء في كرة القدم وجعلها في أضيق الحدود لكي تستمع الجماهير بعدالة كروية تجعل انتشار الكرة أوسع واكبر وأكثر متعة في الأجيال القادمة . لقد قام الفيفا على مدى التسعة أشهر الماضية بإجراء العديد من الاختبارات على هذه التكنولوجيا وهناك شركتان طورت هذه التقنية والتي تعتمد في الأولى على وضع حساسات على خط المرمى وفي الكرة نفسها وعند تجاوزها بكامل محيطها لخط المرمى وخلال ثانية واحدة فقط تعطي لحكم المباراة اشارة بان الكرة اجتازت الخط وان الهدف صحيح ، أما الشركة الأخرى فقد توصلت إلى وضع ثمان كاميرات عالية التقنية في كافة أجزاء المرمى وعند عبور الكرة لخط المرمى تقوم الكاميرات بالتصوير وإرسالها الي برامج فيديو عبر جهاز الحاسب معده خصيصا لذلك وباستخدام تكنولوجيا الأبعاد الثلاثة ترسل اشارة الي حكم المباراة خلال ثانية واحدة فقط بان الكرة عبرت خط المرمى ، هذه التجارب شملت انجلترا والمانيا وايطاليا وويلز وشارك فيها أكثر من ستين معهد متخصص في كرة القدم وعدد من مكاتب الاستشارات الكروية في هذه الدول ، ولا شك ان الأخطاء الفادحة التي حدثت في كاس العالم 2010م وكاس أوروبا 2012م عجلت بدخول التكنولوجيا في مجال اللعبة ولا بد ان السيد هافيلانج غير راض عن ذلك لكونه من اشد المعارضين لاستخدام التكنولوجيا الحديثة في مجال اللعبة إلا ان الفيفا اتخذ قراره أخيرا ولا اعلم هل مازال هافيلانج عند رأيه ام رياح التغيير والتطوير لحقت بعقليته الفذة ، عموما أتمنى ان تكون هذه الخطوة العملية في صالح تطور اللعبة وزيادة انتشارها وتساهم بشكل فعال في إعطاء كل ذي حق حقه وسوف يبدأ الفيفا بمنح الرخصة اللازمة للشركتين للبدء في تنفيذ هذه التقنية العالية حول العالم في السنوات القادمة ولكنه سيبدأ بتطبيقها في بطولاته أولا. مقال / بقلم علي حمدان ** أكاديمي وخبير متخصص في كرة القدم .