يشكو النصراويون دائما من قوة إعلام الهلال ويتهمون الصفحات الرياضية في بعض الجرائد بمحاباة الفريق الأزرق، ولكن لو نظرنا للصورة من زاوية أخرى لوجدنا إعلام النصر يعتمد منذ سنين بعيدة على وسيلة أكثر تأثيرا وكلفتها صفر، وهي الشعارات الرنانة التي تتحول إلى ما يشبه المقولات التاريخية المأثورة لكثرة ترديدها بين الناس مثل شعار (النصر بمن حضر) الذي كان وما يزال شعارا إيجابيا يشعل الروح القتالية في صفوف النصر مهما كان حجم الأسماء الغائبة عن الفريق، أو شعار (العالمية صعبة قوية) والذي هو بالتأكيد شعار سلبي لأنه يستخدم للضغط على فريق محلي خلال مشاركاته الآسيوية ولكنه ما يزال ناجحا في تحقيق هدفه حيث لا زال هذا الشعار الماكر يشكل ضغطا نفسيا على الفريق الهلالي الذي لم ينجح حتى الآن في الوصول إلى مونديال الأندية كي يثبت فعلا أن العالمية ليست صعبة ولا قوية !. وآخر شعارات عشاق النصر وأقواها على الاطلاق شعار (متصدر لا تكلمني) الذي انطلق أساسا من هاشتاق موقع في تويتر بعد تصدر النصر بطولة الدوري، فقد أصبح هذا الشعار عبارة الموسم ليس على الصعيد الرياضي فقط بل حتى على الصعيد الاجتماعي حيث يكثر ترديد هذه العبارة القصيرة حتى في الأحاديث غير الرياضية، وقد أبدع مشجعو النصر في كل مكان ومن مختلف الأعمار في ابتكار مقاطع فيديو مجنونة وصور غير متوقعة من أجل نشر هذا الشعار بمختلف الطرق، وهم دون شك يدركون بأن هذا الشعار القوي يرسخ صدارة فريقهم ويزيد من إصرار اللاعبين كي يحافظوا على صدارتهم وما هو أهم من ذلك أنه يضغط على النادي المنافس وجماهيره التي وجدت نفسها محاصرة بهذا الشعار في البر والبحر والجو وما من سبيل للتخلص منه سوى انتظار اللحظة التي يفقد فيها النصر صدارته. وبالأمس أعلن الأمير الوليد بن طلال المعروف بدعمه للهلال عبر صفحته في موقع تويتر عن تبرعه بمليون ريال للنصر ومثله لنادي الهلال لتصدرهما الدوري، وبرغم أن هذه البادرة تكشف عن روح رياضية عالية الا أنها تقدم الهلال باعتباره أحد متصدري الدوري وهذا غير صحيح فالصدارة لا تحتمل اثنين، فالهلال اليوم لا يمكن تصنيفه بأنه (متصدر) بل هو وصيف المتصدر أو منافسه على الصدارة، لذلك كان من الأجدر أن يوضح الأمير الوليد بأنه تبرع بالمليون الأول للنصر لصدارته الدوري بينما تبرع بالمليون الثاني للهلال لمحاولاته الحثيثة والجادة في اللحاق بالمتصدر!. لذلك يؤسفنا أن نقول للامير الوليد بأنه لا يوجد سوى سبيل وحيد كي يمكن وصف الهلال بالمتصدر وهو أن يتجاوز النصر بعدد النقاط، وهذا ليس بالأمر المستحيل فالدوري لا زال في منتصفه وكرة القدم حبلى دائما بالمفاجآت والهلال فريق كبير يستطيع أن يقلب الطاولة متى ما وجد المتصدر متراخيا في الحفاظ على صدارته، أما الصدارة بالمجاملات وجبر الخواطر تحت شعار (كل مشروك مبروك) فلا قيمة لها في عالم كرة القدم، لذلك فإن أي محاولة مهما كانت سخية ولطيفة لإضفاء صفة غير صحيحة على الهلال واشراكه في صدارة النصر لن يكتب لها النجاح لأن موقع الصدارة وجد أصلا كي لا يقبل القسمة على اثنين. وقد نشرت أخبار على شبكة الإنترنت تقول إن الأمير فيصل بن تركي رئيس نادي النصر اعتذر عن قبول هذا التبرع، وإذا صدقت هذه الأخبار فإن ما فعله رئيس النصر هو عين الصواب، لأن هذه الصدارة ليست كأي صدارة للدوري فهي البوابة التي عاد من خلالها فارس نجد ليستعيد مكانته الرائدة في تاريخ الكرة السعودية، كما أنها جاءت لتشكل دليلا جديدا على أن إبداع جماهير النصر وخيالهم الواسع أقوى من كل الوسائل الاعلامية التي تحاول التقليل من عودة النصر الكاسحة والمثيرة التي زادت من اهتمام الناس بالدوري المحلي فهم من خلال هاشتاق في موقع تويتر قضوا على عشرات المانشيتات الصحفية المنحازة الخالية من أي لمحة ابداعية لاعتمادها على السجع الهزيل !. باختصار لا مجال للهلاليين لمشاركة النصر في صدارته البهية والحل الوحيد هو أن يتفوق الهلاليون على النصراويين في الميدان أو أن يتعايشوا مع عبارة (متصدر لا تكلمني) !. مقالة للكاتب خلف الحربي عن جريدة عكاظ