إعداد: إبراهيم الروساء تُكْمِل " الجنادرية " عشية يوم غدٍ الأربعاء مسيرة تجاوزت ربع قرن من الزمان ، ابرزت من خلال " مهرجانها " الموروث الثقافي للمملكة العربية السعودية . ستة وعشرون عاما عاشها الزوار والضيوف بين حدائق الفكر ، وظلال الثقافة ، وأنهار المعرفة ، المنسجمة مع الظواهر المباشرة للحياة اليومية للمواطن السعودي قبل نحو خمسين سنة ، في مسجده وبستانه وبيته وصناعته ومتجره وفي حلة وترحاله. إنها الصورة الحقيقة التي تنقلها " الجنادرية " عن حضارة السعودي - الذي قد يُختزل في خيمة وخطام بعير - تلك الصورة الإبداعية في جوانبها الاجتماعية والاقتصادية والتجارية ، تعكس الاكتفاء الذاتي الذي عاشه المواطن رغم قلة الموارد وشظف العيش. حوارات ثقافية وفكرية واسعة ، ومئات الحرف المهنية وآلاف الصور واللوحات الحية تُعرض في الجنادرية ؛ لتؤكد عمق حضارة المملكة العربية السعودية ، وعلو كعبها الثقافي ؛ وتحقق التفاعل والتواصل بين ماض عريق ، وحاضر أنيق يشهد بالإنجازات في مختلف المجالات. ولقد تحول المهرجان الوطني للتراث والثقافة " الجنادرية " في رأي الكثير من المفكرين العرب إلى منبر حضاري إنساني يحمل رؤية متفتحة تؤمن بالحوار كقيمة حضارية لا غنى عنها للتفاهم والتلاقي مع الآخر، والمحاور التي طرحت للنقاش في دورات المهرجان عكست ذلك وكانت شاملة وملبية لآمال الكثير من المثقفين والمفكرين العرب. لقد أدرك خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز آل سعود - حفظه الله - أهمية الجنادرية كرسالة حقيقية عن المملكة انطلاقا من أهدافٍ رسمها منذ أن كانت الجنادرية فكرة قبل واقع ، هذه الأهداف التي تؤكد على القيم الدينية والاجتماعية التي تمتد جذورها في أعماق التاريخ لتصور البطولات الإسلامية لاسترجاع العادات والتقاليد الحميدة التي حث عليها الدين الإسلامي الحنيف ، وتوجد صيغة للتلاحم بين الموروث الشعبي بجميع جوانبه ، وبين الانجازات الحضارية التي تعيشها المملكة العربية السعودية ، إلى جانب العمل على إزالة الحواجز الوهمية بين الإبداع الأدبي والفني وبين الموروث الشعبي ، وتشجيع اكتشاف التراث الشعبي وبلورته بالصياغة والتوظيف في أعمال أدبية وفنية ناجحة ، والحث على الاهتمام بالتراث الشعبي ورعايته وصقله والتعهد بحفظه من الضياع وحمايته من الإهمال. // يتبع //