أكد معالي سفير خادم الحرمين الشريفين لدى جمهورية الصين الشعبية الأستاذ عبدالرحمن بن أحمد الحربي، أن زيارة فخامة رئيس جمهورية الصين الشعبية شي جين بينغ إلى المملكة للمشاركة في القمة الخليجية الصينية، والقمة العربية الصينية التي ستُعقد في العاصمة الرياض، تأتي تعزيزاً للعلاقات الثنائية بين البلدين والتنسيق والتشاور بينهما للرقي بها لمستويات أعلى، مشيراً إلى أن المملكة تحظى بمكانة مرموقة وأولوية في السياسة الخارجية لجمهورية الصين الشعبية خاصة في منطقة الشرق الأوسط . وأوضح معاليه أن هذه الزيارة الرسمية والتاريخية تكتسب أهمية كبيرة، وتدل على عمق العلاقة بين قيادتي ومسؤولي البلدين، حيث تُعد زيارة فخامته الحالية للمنطقة إثر زيارة قام بها فخامته للمنطقة عام 2016م، وذلك لما تشهده العلاقات السعودية الصينية من تنامٍ مُنذ تأسيس العلاقات الدبلوماسية بين البلدين الصديقين في عام 1990م، مشيرًا إلى أن التعاون والتنسيق والتشاور والعمل المشترك بين البلدين بعد عام 2016م يقوم على أسس رفيعة من التفاهم المشترك والمصالح المتبادلة سواء على المستوى الثنائي والإقليمي والدولي أو في المحافل والمنظمات الدولية. وأكد أن الفهم المشترك لشواغل كل دولة، والحرص على استمرار التواصل واللقاءات بين مسؤولي البلدين يسهم في تعزيز التفاهم بين البلدين وفقا لمصالحهما وحقوقهما المشروعة، حيث حافظ البلدان على العمل بشكل جاد لتوطيد علاقاتهما في شتى المجالات والأصعدة، مستفيدين من قدراتهما ومكانتهما الذاتية، وتأثيرهما الملحوظ في الخريطة الدولية، لرقي العلاقات بين المملكة وجمهورية الصين الشعبية. وقال: إن استضافة المملكة للقمة الخليجية الصينية، والقمة العربية الصينية تأتي تأكيداً لمكانة المملكة كونها دولة رائدة في المنطقتين الخليجية والعربية، من خلال السياسات الواثقة والثابتة والطموحة التي تنتهجها القيادة الرشيدة – حفظها الله – التي تسهم في تسارع خطى وتقدم المملكة، سواء كانت هذه السياسات اقتصادية أو تنموية , فهي تقوم على رؤية واضحة بأن المملكة تقوم بدور ريادي مهم للمجموعتين الخليجية والعربية وهي ركيزة أساسية في جميع المشاريع سواء السياسية أو الاقتصادية آخذة في الحسبان أهمية المنطقة العربية في الخارطة السياسية الدولية، وإمكاناتها الاقتصادية الضخمة" ، مؤكداً حرص القيادة الصينية أن تكون المملكة هي المستضيف الأول للقمتين الخليجية الصينية والعربية الصينية لمكانة المملكة وأهميتها في المحيطين الخليجي والعربي، إذ تحظى العلاقات السعودية الصينية باهتمام مشترك من قيادتي البلدين، مما يعزز التعاون الاقتصادي والتجاري والتبادلات الثقافية والتواصل بشأن القضايا الدولية بينهما. وأضاف: وكان للزيارات التي قامت بها القيادة الرشيدة - حفظها الله - إلى جمهورية الصين الشعبية دور محوري في تنمية العلاقات بين البلدين، من خلال رفع مستوى العلاقات إلى مستوى الشراكة الإستراتيجية الشاملة وتأسيس اللجنة المشتركة الصينية السعودية رفيعة المستوى، التي أنشئت خلال الزيارة التاريخية لفخامة الرئيس الصيني شي جين بينغ إلى المملكة عام 2016، وما تلا تلك الزيارة من اتصالات ولقاءات بين كبار المسؤولين في البلدين. وأردف قائلاً " كما تأتي زيارة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود -حفظه الله - إلى الصين عام 2017م ضمن إحدى أسس تعزيز العلاقات السعودية الصينية، إلى جانب زيارات سمو ولي عهده الأمين - حفظه الله - لبكين عامي 2016م و 2019م لتشكل قفزة نوعية أسهمت في فتح مجالات كبيرة للتعاون والتنسيق بين البلدين الصديقين، للمواءمة بين "رؤية المملكة 2030" ومبادرة "الحزام والطريق"، حيث يعمل البلدان على تسخير إمكاناتهما ومقدراتهما لإيجاد تجانس متسق ومنافع متبادلة تعزز الشراكة الإستراتيجية الشاملة والمصالح المشتركة من خلال المواءمة التي تصب في منفعة البلدين والشعبين الصديقين" . وفيما يخص النمو في العلاقات الاقتصادية والتجارية بين البلدين أبان سفير خادم الحرمين الشريفين لدى الصين، أن المملكة هي الشريك التجاري الأول للصين في المنطقة، وتحتل أيضا المرتبة الأولى للدول المصدرة للنفط للصين، فيما تُعد الصين الشريك التجاري الأول للمملكة لسنوات طويلة متتالية، حيث تظهر الأرقام الاقتصادية بين البلدين تنامياً مستمراً في حجم التبادل التجاري، فعند تأسيس العلاقات الدبلوماسية بين البلدين، كان حجم التجارة الثنائية للعام 1990م يبلغ حوالي 500 مليون دولار أمريكي، ليقفز إلى حوالي 3 مليارات دولار في عام 2000م، في حين وصل إلى 88 مليار دولار في 2021م أي أنه تضاعف أكثر من 22 مرة خلال العقدين الماضيين. وبين أنه خلال الأشهر العشرة الأولى من العام 2022م وصل التبادل التجاري بين البلدين إلى 97 مليار دولار بنسبة نمو 37.4% مقارنة بنفس الفترة من العام الماضي، حيث تضمنت صادرات المملكة للصين بقيمة 66 مليار دولار وبنسبة نمو 45% عن نفس الفترة من العام الماضي ويقابلها نمو في صادرات الصين للمملكة بقيمة 30 مليار دولار وبنسبة نمو 23.3% لنفس الفترة، وبالنظر إلى ذلك النمو للعام 2022م فإن حجم التبادل التجاري للصين مع المملكة نما بأربعة أضعاف أعلى من نمو تجارة الصين مع العالم وهذا يؤكد ما للبلدين من ممكنات وفرص واعدة وجدية في تنمية العلاقات التجارية بما يخدم مصالح البلدين الصديقين. ولفت معاليه النظر إلى أنه فيما يخص الجانب الاستثماري للبلدين فلديهما استثمارات مهمة متبادلة وتتنامى بشكل مستمر، مبينًا أن المملكة احتلت الوجهة الأولى للاستثمارات الصينية الخارجية خلال النصف الأول من العام الجاري 2022م، وبلغت حصة المملكة من الاستثمارات الصينية الخارجية للعالم حوالي 5.5 مليارات دولار أمريكي من أصل 28.5 مليار دولار أي ما يعادل 20% من إجمالي الاستثمارات الصينية الخارجية لتلك الفترة. وأوضح أن البلدين يسعيان إلى تعميق التعاون الاقتصادي بينهما عبر نقاط الالتقاء بين "رؤية المملكة 2030" ومبادرة "الحزام والطريق" الصينية، حيث تستفيد المملكة من موقعها الإستراتيجي لوصل قارة آسيا بأفريقيا وأوروبا، ودُشنت أول مشروعات التعاون السعودي الصيني في مبادرة "الحزام والطريق"، عام 2019م وهو مشروع مصنع شركة "بان آسيا" الصينية للصناعات الأساسية والتحويلية بمدينة جيزانجنوب غربي المملكة، الذي يعد باكورة الاستثمار الصيني في هذه المنطقة على وجه التحديد، إذ بلغت قيمة المشروع حوالي 1.15 مليار دولار في مرحلته الأولى. وأشار إلى أن لشركتي أرامكو وسابك حضورًا فاعلًا في الأراضي الصينية، فشركة أرامكو السعودية وقعت مؤخرًا مع مجموعة "نورينكو" وشركة "بانجينسينسين" الصينيتين لتطوير مشروع هواجين المتكامل للتكرير والبتروكيميائيات في مدينة بانجين بمقاطعة لياونينغ الصينية بقيمة تصل ل 10 مليارات دولار , كما أن شركة سابك تعمل ولها مشاريع واستثمارات متقدمة في جمهورية الصين الشعبية، إضافة إلى المشاريع وخطط الاستثمار المستقبلية للشركتين. وأوضح معالي السفير الحربي أنه مع الأخذ في الحسبان الظروف الاقتصادية الدولية التي فرضتها جائحة فيروس كورونا، إلا أن البلدين عملا بتوافق متسق على تجاوز تلك الأوضاع، واستمرار التدفق المتواصل في التبادل التجاري والاقتصادي بينهما، وهذا دليل آخر على أن اللجنة العليا المشتركة رفيعة المستوى واللجان المنضوية تحتها ركيزة أساسية والرافع الأهم لتعزيز العلاقات الثنائية في جميع المجالات بوصفها تعمل وفقا للمصالح والمنافع المشتركة التي تصب في خدمة البلدين وشعبيهما. وقال " إن علاقات الشراكة التي تعمل على ما يخدم تقوية العلاقات وتعزيز التعاون بين البلدين في مختلف المجالات تأتي امتدادًا للتعاون الثنائي بين المملكة والصين الذي لم يقتصر فقط على الجوانب السياسية أو الاقتصادية أو التجارية أو الاستثمارية، بل نجد أن مجالات جديدة فتحت آفاقها منذ زيارة خادم الحرمين الشريفين – حفظه الله – لجمهورية الصين الشعبية عام 2017م، حيث افتتح – أيده الله – فرع مكتبة الملك عبدالعزيز بجامعة بكين ، وهو الفرع الذي يقدم خدمات كبيرة في مجال التبادل الثقافي والمعرفي بين البلدين، كما أنه يسهم بشكل كبير في رفع مستوى وعي الطلاب الصينيين والأجانب والمثقفين والأكاديميين بمكانة المملكة الحضارية والثقافية، ويحتوي الفرع على حوالي 30 ألف كتاب" . وأشار معاليه إلى أنه على هامش زيارة صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز ولي العهد رئيس مجلس الوزراء - حفظه الله - لبكين عام 2019م أعلن عن إدراج اللغة الصينية ضمن المناهج في المملكة، إضافة إلى ما أعلن مؤخرا عن عزم وزارة التعليم في المملكة ابتعاث عدد كبير من الطلاب إلى الصين للدراسة خلال السنوات المقبلة، في حين استمرت الجامعات الصينية في جهودها لتعزيز دراسة اللغة العربية، مبينًا أن كل هذه المجالات والآفاق والخطط المستقبلية تشير إلى أن قيادتي وحكومتي البلدين يعملان على رفع العلاقات في جميع المجالات لمستويات ترقى لمكانة البلدين العالمية.