حفلت مدينة جيزان العاصمة الإدارية لمنطقة جازان ؛ بإرث ثقافي وحضاري عريق ، وعلى امتداد الحقب الزمنية المتعاقبة مثّلت المدينة مركزًا حضاريًا وتجارياً مرموقاً ، رغم أنها عاشت فترات متقطعة من الأمن حينًا وانعدامه حينًا آخر في العهود السابقة، قبل أن تنعم بالأمن والأمان بدخول منطقة جازان في الكيان الكبير "المملكة العربية السعودية"، مما عجّل بظهور فروق حضارية في المنطقة بشكل عام ومدينة " جيزان " على وجه الخصوص . ويجد الباحث في تاريخ المدينة تلك الفروق الحضارية البيّنة؛ بين تاريخ المدينة القديم خلال فترات مختلفة من القرن الماضي، وبين ما تشهده جيزان حاليًا من تطور ونمو وازدهار. وتُظهر الصور القديمة للمدينة القفزة الزمنية التي شهدتها، وملامح الحياة في أحيائها الشعبية وأسواقها، ففي إحدى الصور النادرة تظهر محطة بنزين القوارب وسط البحر منذ العام 1390ه، حيث تصطف القوارب في انتظار التزود بالوقود، قبل الانطلاق إلى رحلات الصيد البحرية، وكذلك صورة نادرة لأزقة الأحياء الشعبية القديمة وبساطة تلك الأحياء التي كانت تنتصب فيها العشة المخروطية والأكواخ الطينية، إلى جانب صورة نادرة تحكي أقدم " مصبغة " لصباغة الملابس، وصورة أخرى للسوق الداخلي، الذي لازال محركًا مهمًا للتجارة والاقتصاد في مدينة جيزان. وتُطلّ "جيزان " اليوم ؛ بحلتها العصرية الحديثة وقد رسمت مسارًا نهضويًا طموحًا ، متقدمةً مع جميع مدن ومحافظات المنطقة نحو تحقيق مستهدفات رؤية المملكة 2030 ، لغدٍ أكثر إشراقًا ونموًا، وهي تستحثُّ الخطى مسرعة نحو معطيات الحياة؛ لبناء مجتمع حيوي، في بيئة إيجابية وجاذبة، تتوافر فيها مقوّمات جودة الحياة للمواطنين والمقيمين، ومنظومتي رعاية صحية واجتماعية ممكّنة ومتكاملة، في ظل الرعاية والاهتمام من قبل القيادة الرشيدة - أيدها الله - وبمتابعة من سمو أمير منطقة جازان وسمو نائبه . وشهدت مدينة جيزان خلال السنوات الماضية مشروعات عملاقة غيّرت وجه الحياة بالمدينة، من أبرزها مشروع المدينة الجامعية التي ارتفع عدد الكليات التي انتقلت لها من كليتين قبل ست سنوات إلى 12 كلية حاليًا ، إلى جانب المستشفى الجامعي والبرج الإداري ، وفندق "جراند ميلينيوم" أحد مشاريع صندوق التعليم العالي الجامعي ، فيما تُشكل المدينة الجامعية في مجملها تحفة معمارية على الشاطئ الشمالي لمدينة جيزان، إلى جانب المجمع الأكاديمي للطالبات في محلية الذي يتسع لأكثر من 12 ألف طالبة، ويضم ست كليات ويحوي 120 قاعة دراسية، و55 معمل حاسب آلي ومعامل علمية، و 20 ورشة تدريب، ومسرحاً يتسع ل 450 طالبة. كما تمثّل الواجهة البحرية الرئيسة بالكورنيش الشمالي في مدينة جيزان، عنوانًا لجودة الحياة بالمدينة من خلال ما تضمّه من خدمات عبر مساحتها البالغة مليون م2 ، حيث تعد من كبريات الواجهات البحرية على مستوى المملكة، وتشمل مناطق ترفيهية، وممرات مشاة، وممشى محاذٍ للبحر، ومسطحات خضراء، ومقاهٍ، وملاعب، وأشكالاً جمالية فنية، وكذلك الشارع الثقافي الذي يمتد على مسافة 450 متراً ويحتوي على مسارات بأشكال ديكورات وبوثات للمبدعين والموهوبين وجلسات للزوار ومجسمات جمالية وأماكن لممارسة الفعاليات التي تعزز القيم الثقافية وتهتم بالفئة العمرية الشبابية، فضلًا عن الواجهتين البحرية بالكورنيش الأوسط والكورنيش الجنوبي لمدينة جيزان والتي تمثل مواقع ترفيهية جاذبة للأهالي والزوار . وعزّزت جهود تحسين المشهد الحضري التي بذلتها أمانة جازان ، في رفع مستوى جودة الحياة بمدينة جيزان ، إلى جانب جهودها في زيادة المسطحات الخضراء بالحدائق والمنتزهات وتطوير الساحات والميادين ، بما يعكس الشكل الجمالي والحضاري والتنموي للمدينة ويدعم برامج جودة الحياة وأنسنة المدن. كما أصبحت مدينة جيزان حاضنة لكثير من الفنادق الحديثة والمولات والأسواق التجارية والمطاعم والكافيهات والمقاهي، فضلًا عن المراكز الرياضية والترفيهية، مما جعلها بيئة جاذبة للاستثمارات ومحفزة للنمو والتطور .