أوصى فضيلة إمام وخطيب المسجد الحرام الشيخ الدكتور أسامة عبدالله خياط المسلمين بتقوى الله في السر والعلن. وقال في خطبة الجمعة التي ألقاها اليوم، بالمسجد الحرام: " أيها المسلمون: في وداع عامٍ مضى، ومطلع عامٍ جديد: يقِفُ أولو الألباب وقفة اعتبارٍ وادِّكار، فينظرون إلى هذه الشمس تطلُع كل يوم من مشرقها ثم تغرُب في نهايته، وينظرون إلى هذا الهلال يُولَد صغيرًا أول الشّهر، حتى إذا استكمَل نموّه أخذ في النقص، حتى يتوارى عن الأنظار. وأضاف فضيلته، ينظرون إلى العام الجديد كيف تبدو نهايته بعيدةً، فما تلبَثُ الشهور والأيام أن تنقضي سراعًا حتى تصِل بهم إلى تلك النهاية، هنالك: يستيقنون أن هذا مثل الحياة الدنيا في زهرتها وزينتها، ومثلُ أعمال بني آدم في الفناء والانقضاء، وهي حقيقةٌ بيِّنة لا تخفى على كل لبيب، وإنما تحجُبُها حُجُب الغفلة، وتصِفُ عنها صوارِف الإعراض والاغترار وطول الأمل، وخِدع الأماني والظنون التي لا تُغني من الحق شيئًا. وأردف يقول إن إدراك هذا المعنى ليحملهم على النظر فيما قدَّموا لأنفسهم طيلة أيام عامهم المُنصرِم، بسلوك سبيل المحاسبة للنفس؛ لاستصلاح الفاسد، وتدارُك الفارط، وإقامة المُعوَجّ، بالثبات على الطريق، والاستمساك بالهدى، إن كانوا من المحسنين المُوفَّقين المُهتدين. وبين أن أعظم عوْنٍ على ذلك: التوبة النصوح التي أمر الله بها المؤمنين جميعًا بقوله: (وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعًا أَيُّهَ الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ)، وبالندَم على ما مضى، والإقلاع عما كان من الذنوب، وبالعَزْم على عدم العودة إليها، وباغتنام الخمس التي أوصى النبي -صلى الله عليه وسلم- باغتنامها رجلاً فقال: "اغتنِم خمسًا قبل خمس: شبابك قبل هرمك، وصحتك قبل سَقَمك، وغناك قبل فَقرك، وفراغَك قبل شُغُلك، وحياتك قبل موتك". أخرجه الحاكم في مستدركه بإسنادٍ صحيح. وأبان فضيلته أن في الشباب والصحة والغنى والفراغ من الشواغل: قوةٌ وعزيمة، ونشاطٌ وتفرُّغ، وكمال توجُّه إلى كل خير، وفي أضدادها من الهرَم والضعف وضعف القوة وفتور العزم وضيق الصدر وثِقَل الأعمال وكثرة المطالب وتشعُّب الهموم ما يقعُد بصاحبه عن ذلك، ويُعقِبُه من الحسرة ما يُكدِّر عيشَه، ويُنغِّص حياته. وأكد الدكتور الخياط أن من شأن العاقل اليَقِظ ألا يُضيِّع شيئًا من عمره بالبطالة التي يذهب معها العمر سُدًى بغير فائدة في الدين والدنيا، أو بالجهالة التي تحملُه على اتباع الهوى، لعدم معرفة ما يضره وما ينفعه، ويحرص على السلامة من غوائل ذلك؛ بالتخطيط المحكم لعامه، والتنظيم وحسن الإدارة لأوقاته، واستثمارها في كل ما يرجو نفعه في الدنيا، وحسن العاقبة وكريم الجزاء في الآخرة. وأوضح أن خير ما يُستقبَلُ به العام الجديد استهلالُه بالطاعات وألوان القُربات، ومن أظهرها: صيام شهر الله المحرم الذي هو أفضل الصيام بعد رمضان، كما جاء في الحديث الذي أخرجه مسلم في صحيحه عن أبي هريرة -رضي الله عنه- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: "أفضل الصيام بعد رمضان: شهر الله المحرم..." الحديث. وآكدُه صوم يوم عاشوراء؛ فقد قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: "صيامُ يوم عاشوراء أحتسِبُ على الله أن يُكفِّر السنة التي قبله". أخرجه مسلم في صحيحه، فأكثِروا في هذا الشهر الحرام من ألوان القُرَب تزدلِفون بها إلى ربكم، وتعمُرون بها أوقاتكم، بما تقرُّ به أعينكم عند ربكم، فإن افتتاح العام الجديد بالطاعة كما اختُتِم العام المُنصرِم بطاعة الحج والعمرة وصيام يوم عرفة لغير الحاج، وغير ذلك من ألوان القُرَب، مُشعِرٌ بأن عمر المسلم كله بدءًا ونهايةً عامرٌ بطاعة الله، رَطبٌ بذكره: (قُلْ إِنَّ صَلَاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ لَا شَرِيكَ لَهُ وَبِذَلِكَ أُمِرْتُ وَأَنَا أَوَّلُ الْمُسْلِمِينَ). وقال فضيلة إمام وخطيب المسجد الحرام إن المؤمن الذي يدعو ربَّه بدعاء نبيِّه -صلى الله عليه وسلم- قائلاً: "اللهم اجعل الحياة زيادةً لي في كل خير، والموتَ راحةً لي من كل شر"، شديد الحرص على اغتنام فرصة العمر باستثمار الليالي والأيام في كل خيرٍ يُرضِي به ربَّه، ويعلو به قدرُه، وتطيبُ به حياتُه ولذا فإنه يفرحُ بما منَّ الله عليه من نعمة الإمهال حتى بلَّغه العام الجديد؛ ليستكثِر فيه من أسباب الزُّلفى إلى ربه، وليستدرِك ما فاته وما فرَطَ منه بالتوبة والإنابة، وهذا مصداقُ ما أخبر به النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه "لا يزيدُ المؤمنَ عمره إلا خيرًا". أخرجه مسلم في صحيحه. وفي المدينةالمنورة تحدث فضيلة إمام وخطيب المسجد النبوي الشيخ حسين آل الشيخ عن تقلب الأزمان وسرعة مرورها ،موصياً المسلمين بتقوى الله عزوجل. وقال فضيلته: في تقلب الأزمان وسرعة مرورها وانصرامها ذكرى لحال هذه الدنيا فهي كظل زائل أو سراب راحل جديدها يبلى، وملكها يفنى ، وسرورها لا يبقى ، قال تعالى: ( يا قوم إنما هذه الحياة الدنيا متاع وإن الآخرة هي دار القرار )، كما قال تعالى (وتزودوا فإن خير الزاد التقوى ). وأكد فضيلته أنه على المؤمن أن يراقب نفسه ويراجع ذاته فينظر ماذا قدم لغد هل هو في حال من الاستقامة على طاعة الله فيزداد، أو مقصر ومفرط فينوب ويتوب قبل فوات الآوان قال تعالى: (يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله ولتنظر نفس ما قدمت لغد واتقوا الله إن الله خبير بما تعلمون )، مشدداً بقوله : فراجع نفسك أيها المسلم وازجرها عن كل إثم وفاحشة واصطبر على كل خير وبر وطاعة، قال تعالى (وأنيبوا إلى ربكم وأسلموا له من قبل أن يأتيكم العذاب )، ذكر الإمام أحمد عن عمر رضي الله عنه أنه قال حاسبوا أنفسكم قبل أن تحاسبوا وزنوها قبل أن توزنوا يومئذ تعرضون لا تخفى منكم خافية. وأوضح فضيلته أن مكمن الخير وموطن السعادة محاسبة الإنسان نفسه، وإن زل أو أخطى فليستجيب لقول ربه عزوجل: (قل يا عبادي الذين أسرفوا على أنفسهم لا تقنطو من رحمة الله إن الله يغفر الذنوب جميعا إنه هو الغفور الرحيم )، فاحفظ دينك عبد الله فذلك أساس كل خير واحذر من التفريط في حدود خالقك وأوامره فذلكم أصل كل شر وبليه ومصيبة. وتابع فضيلته قائلاً أيها المسلم اجعل عامك الجديد خيراً من عامك المنصرم في الزيادة من الخيرات وأعمال البر وسابق إلى الخيرات وسارع إلى الصالحات قال صلى الله عليه وسلم : (خيركم من طال عمره وحسن عمله ). وبين أن شهر الله المحرم من الأشهر الحُرم وأفضل التطوعات المطلقة في الصوم، صوم المحرم قال صلى الله عليه وسلم (أفضل الصلاة بعد الفريضة صلاة الليل وأفضل الصيام بعد الفريضة صوم المحرم ، وصوم اليوم العاشر منه يكفر السنة التي قبله كما صح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ). كما أبان فضيلته أن السنة هي صيام التاسع مع العاشر كما ثبت به الحديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهذا ما ورد في فضل عاشوراء وما عداه من أحداث عبادات في هذا اليوم، فلم يثبت به شيء، وهو بدعة منكرة لا دليل عليها من القرآن والسنة، والخير كل الخير، فيما ثبت به الدليل القاطع. //انتهى// 13:33ت م 0060 www.spa.gov.sa/2273756