عُرفت مهنة الوراقة في مختلف أرجاء الجزيرة العربية منذ قرون قديمة، إلا منطقة نجد شهدت وجودها مع بداية القرن التاسع الهجري بسبب نشاط الحركة العلمية آنذاك خاصة في العلم الشرعي، وما صاحبها من حركة فاعلة في نسخ الكُتب التي سهلت تداول العلوم والمعارف بين طلبة العلم والعلماء، وعدّت في ذلك الوقت من أهم الروافد الملازمة لصناعة الكتب قبل ظهور الطباعة في القرن الخامس عشر الميلادي. وحمل العديد من الوراقين في نجد أقلامهم وأحبارهم متنقلين في مختلف مناطق نجد والجزيرة العربية، بحثا عن نسخ الكتب التي تُطلب من المهتمين بالعلم، وذلك بمقابل مادي أو ابتغاءً لوجه الله تعالى للمساهمة في نشر العلم والمعرفة، وتجاوز عددهم ما بين القرن التاسع إلى القرن الثالث عشر الهجري (150 وراقًا)، وفي القرن الرابع عشر بلغ عددهم (82 وراقًا). وعلى الرغم مما كان عليه الناس في الجزيرة العربية من جوع وخوف قبل قيام الدولة السعودية، إلا أن مهنة الوراقة واصلت انتشارها، وازدادت أكثر خلال العهد السعودي الذي صاحبه اتساع الدعوة الإصلاحية خاصة في عهد الملك عبدالعزيز بن عبدالرحمن آل سعود - رحمه الله - الذي أهتم وشجّع على نشر الدعوة الإسلامية السمحة، ووجه بجلب الكتب والمصادر التي لم تكن متاحة قبل ذلك من خارج البلاد، كما وجه بطبع العديد من الكتب الدينية والتاريخية على نفقته - رحمه الله - بغية نشر العلم وتفقيه الناس بأمور دينهم. ومهنة "الوراقة "أوجدت الإحساس الفني عند الوراق، لا سيما في مسألة "الخط العربي " وتجويده، حتى أصبح مفهوم حسن الخط من الركائز الأساسية في عمل الوراق، الأمر الذي أفرز أنواعاً جديدة من الخطوط العربية، رافقت الوراقين في مهنتهم. وفي ذلك السياق، قال أستاذ الشريعة في جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية الدكتور الوليد بن عبدالرحمن آل فريان، إن الكتابة عن الوراقة في منطقة نجد، كتابة عن تاريخ المملكة ومسيرتها الثقافية الحافلة، وأنشطتها العلمية والتعليمية، وإسهاماتها الفاعلة في خدمة القيم الإسلامية، والحضارة الإنسانية. // يتبع // 13:39 ت م NNNN تغريد