أوصى إمام وخطيب المسجد الحرام الشيخ صالح بن محمد آل طالب المسلمين بتقوى الله عز وجل في السر والعلن وإتباع أوامره والبعد عن نواهيه ابتغاء لمرضاته سبحانه وتعالى داعيًا فضيلته إلى الاستقامة في كل الأمور. وقال فضيلته في خطبه الجمعة التي ألقاها اليوم بالمسجد الحرام : إن العالم يعيش اليوم أحداث كبرى وتحولات عظيمه فتن تموج به كقطع الليل المظلم ونحن أمة دين ورسالة بين يدينا كتاب وسنة فالكتاب هو القرآن الذي نزل أربعة عشر قرنًا فهذا القرآن يوجه المسلمين لقضاياهم ويرشدهم إلى حلها فهو يربط حاضر الأمة بماضيها. وبين أن معركة أحد التي وقعت عقب غزوة بدر كانت درسًا قاسيًا للمسلمين أراد الله عز وجل أن يختبر صبرهم ويرشدهم إلى عدم مخالفة أمر نبيهم وأن يتبعوه ويلتفوا حول كلمته صلى الله عليه وسلم وهديه. وقال الشيخ آل طالب : لقد انتصر المسلمون في بداية المعركة حتى فرّ المشركون منها فاستعجل بعض الرماة ونزلوا من الجبل وذلك لظنهم أن الأمر انتهى ولكن المشركون انقضوا عليهم من خلف الجبل وقتلوا سبعين من خيرة الصحابة وشجّوا رأس النبي صلى الله عليه وسلم وكسروا رباعيته وأشاعوا أنهم قتلوا النبي صلى الله عليه وسلم فأوقع ذلك في قلوب المؤمنين الحزن والهلع ثم أشاع المشركون أنهم سيدخلون المدينة فنادى رسول الله صلى الله عليه وسلم أصحابه لمنعهم من ذلك فاستجاب صحابه رسول الله لنداء نبيهم على ما بهم من آلام وجروح من آثار المعركة وصدقوا مع الله عز وجل. وأضاف إمام وخطيب المسجد الحرام أن تعاقب الشدة والرخاء تكشف معادن النفوس وطبائع القلوب ودرجه الهلع فيها والصبر ومدى الثقة فيها بالله عز وجل أو القنوط أن من مصلحه الأمة أن تصاب برجات عنيفة تعزل الخَبثَ عنها ولقد اقتضت حكمة الله أن يقع هذا التمحيص في أحد حتى يميز الخبيث من الطيب ففي معركة أحد انكشفت عورات المنافقين وأصبحوا يثيرون البلبلة وإشاعة الفتن والشبهات لهدم كيان المجتمع المسلم بدءً بعقيدته وقيمه وكانت آثار المعركة تمحيص للنفوس وتمييز للصفوف ، لافتًا إلى قدرة الله على أن ينصر نبيه صلى الله عليه وسلم ودينه وأوليائه منذ اللحظة الأولى ولكن الله تعالى أراد تربية المسلمين ليبتلوا ويقودوا البشرية قيادة راشدة وهذه القيادة تقتضي صلابة في الدين وثبات على الحق وصبرًا على الشدائد فهذه سنة الله الابتلاء قبل التمكين. // يتبع //