أوصى إمام و خطيب المسجد الحرام الشيخ الدكتور عبدالرحمن بن عبدالعزيز السديس، المسلمين بتقوى الله عز وجل، لأنها خير ما يوصَى به على الدوام، ومَرِّ الأيام والأعوام، فتقوى الله نور يُضيء الظلمات، وحِصْن من الفتن الموبقات، وشفاء من النوائب الحادثات. وقال فضيلته في خطبة الجمعة التي ألقاها اليوم بالمسجد الحرام أيها المسلمون : في صَحْمَاء الفتن المُدْلهمة، ويَهْماء التحديات المُحْدِقة بالأمة، يدور الزمان دورته، ويُكْمِل عام من أعوامه مُهِمَّتَه، عام قد قُوِّضت خيامه، وتَصَرَّمت أيامه، وتِلْك سُنَّة الله في كونه، أيام سَيَّارة، وأشهر دَوَّارة، وأعوام كَرَّارة، ولن تجد لسنة الله تبديلا. وأضاف قائلاً : معاشر المسلمين، ها هي الأمة الإسلامية، قد ودعت عاماً هجرياًّ مضى وتَوَلَّى، ولم يَبْقَ منه إلا ذِكْرى ما تبدَّى فيه من الخير وتجلَّى، وَدَّعنا عاماً كما يودع أحدنا يومه عند انقضائه، لا يراه طويلاً ما بين صباحه ومسائه، وفي مطلع عامنا الوليد الأغر -جعله الله بارقة نصر وعز وتمكين- لابد أن نعيش الأمل والتفاؤل، فمع أن أمتنا لاتزال رهينة المآسي والنكبات، والشتات والملمات، جسدها مُثْخن بالجراح، وأبناؤها يعانون في مختلف الوِهَاد والبِطَاح، تراق فيهم الدماء وتتقطع منهم الأشلاء في صَلَفٍ ورعونة، وصُبَارَةٍ مأفونة بما يَدُكّ الأطواد، ويَرُضُّ لفائف الأكباد، فلا ينبغي أن يحمل ذلك على الإدلاج في سراديب الإحباط، والولوج في غياهب الشِّمَاتِ والشِّماط، واليأس سُدْفة من حُلَك الظلام، لذا نهانا عنه الواحد العلاّم، فقال سبحانه" وَلا تَيْأَسُوا مِنْ رَوْحِ اللَّهِ إِنَّهُ لا يَيْأَسُ مِنْ رَوْحِ اللَّهِ إِلَّا الْقَوْمُ الْكَافِرُون"، وقال تعالى" وَمَنْ يَقْنَطُ مِنْ رَحْمَةِ رَبِّهِ إِلا الضَّالُّونَ". ومضى الدكتور السديس قائلا أمة الإسلام: ليس أنجع في ساعة اليأس والقنوط من إعمال سيف الأمل البتار، والادِّراع بالتفاؤل والاستبشار، فالأمل يُخَفِّفُ عناء العمل، ويَذْهب باليأس والقنوط والملل، وبعد حُلْكة الليل الشديد، تُشْرق شمس يوم جديد. وبين أن بالتفاؤل والأمل تتدفق روح العزيمة، وتتألق نسمات النبوغ، وتتأنق بواعث الثقة والتحدي، وهذه القُوَّة الأَخَّاذَة، والكُوَّة النورانية، هي من أزاهير الشريعة الربانية، والسيرة المحمدية لرسول الهدى والحق. // يتبع //