تصاعد الجدل بين مختلف الدول والهيئات الأوروبية بشأن العديد من الجوانب المحددة من مشروع الاتحاد المصرفي الأوروبي الذي تزعم المفوضية الأوروبية الإفصاح عنه يوم غد وتخطط المفوضية إلى جعل كافة المصارف للدول المنتمية لمنطقة اليورو تحت وصاية مباشرة للمصرف المركزي الأوروبي. ومن المقرر أن يعلن كل من رئيس المفوضية الأوروبية خوسيه باروزو ومفوض الخدمات المالية الأوروبي ميشيل بارنيه عن صلاحيات وآليات عمل هذا الاتحاد يوم غد أمام النواب الأوروبيين. وتريد المفوضية المدعومة من عدد كبير من الدول الأعضاء تمكين المصرف المركزي الأوروبي من صلاحيات جدية على حساب الحكومات الوطنية في ضبط آليات عمل المصارف في أوروبا والذهاب إلى حد منحها تراخيص العمل وسحبها عند الضرورة. وتقدر المفوضية العدد الإجمالي للمصارف المعنية بستة آلاف مصرف ولكن هذا التحرك والذي يأتي استكمالا للدور المتنامي للمصرف المركزي الأوروبي ضمن إدارة أزمة الديون السيادية والأزمة المالية في منطقة اليورو يثير تحفظات عدة أطراف أوروبية ولكن ليس لنفس الأغراض. وتعارض ألمانيا أن يشمل الإشراف الأوروبي الجديد كافة المصارف الأوروبية وتعتبر أن الأمر لا يجب أن يتجاوز 200 من المصارف الأوروبية التي تستحوذ حاليا على زهاء 90 في المئة من حجم المعاملات المالية في منطقة اليورو. وتأمل برلين بذلك إعفاء مصارفها المحلية في الولايات الألمانية والتي تؤثر على العجلة الاقتصادية من الوقوع تحت رقابة أوروبية مباشرة أما الدول الشرقية فقد عقد سفراءها اجتماعا طارئا في بروكسل لمعاينة تداعيات الخطوة الأوربية على مستقبل تعاملها مع منطقة اليورو. وتخشى هذه الدول من أن الهيئة الرقابية المصرفية الجديدة ستتولى مهام التدخل المباشر في قطاعها المصرفي في وقت تشهد فيه اقتصادياتها ركودا شبه مستدام. من جهتها ، تتحرك بريطانيا ضد خطة الاتحاد المصرفي الأوروبي لكون لندن هي أول مركز مالي أوروبي وتخشى من أن تتصاعد قوة الهيمنة للمصرف المركزي الأوروبي وتجعله الجهة المخولة بتنظيم التعاملات المالية وبشكل منفرد في جميع أنحاء أوروبا. وتفضل لندن التعامل مع الهيئة البنكية الأوروبية الحالية والتي تتعامل مع كافة مصارف الاتحاد الأوروبي وليس مع مصارف منطقة اليورو. وتعهدت المفوضية بتقدم ضمانات لسوق لندن المالية وإشراك أطراف من خارج منطقة اليورو في عمليات المراقبة ولكن الطرف البريطاني لا يزال يعتقد بأنها ضمانات غير كافية والغرض الفعلي للتحرك الأوروبي الجديد هو إرساء هيئة إشراف ذات صلاحية قانونية وملزمة تعوض المشرفين الحالين على المستوى الوطني لكل دولة لمراقبة القطاع المصرفي الأوروبي وخاصة تحديد موارد المصارف وهي النقطة الحيوية في التعامل مع مجال القطاع المالي الأوروبي ، كما تندرج لخطة ضمن الجهود المتواصلة للهيئات الاتحادية في بروكسل لاستقطاع مزيد من الصلاحيات على حساب السيادة الوطنية للدول. // انتهى //