قبل أن يجف مداد قرار اللجنة الأمريكية للتخطيط الفضائي المتعلق بالبشر، التي كونها الرئيس باراك أوباما لإيجاد بدائل لغزو القمر وتوجيه الأنظار نحو كواكب أخرى مثل المريخ، خصوصا أن لأمريكا مركبتين على سطح الكوكب الأحمر، خطفت روسيا والصين ودولتان أوروبيتان هما فرنسا وإيطاليا زمام المبادرة ودخلت في محاولة جادة لإرسال رحلة مأهولة إلى المريخ نفسه، ما يشير إلى انطلاق صراع جديد بين الشرق والغرب يعيد ذكريات الحرب الباردة مع عودة الروس إلى اللعبة. الرياض. شمس وأدى القرار الذي اتخذته وكالة أبحاث الفضاء والطيران الأمريكية «ناسا» بالتوقف عن استخدام أسطولها الفضائي مع العام الجاري، في الوقت الذي لن تتمكن من استخدام مركبتها «أوريون» حتى عام 2015، لتكوين فجوة خمسة أعوام بين الحدثين. ويبدو أن التجمع الفضائي الدولي الجديد انتهز الفرصة وخطف مهمة استكشاف المريخ التي بدأت فعليا قبل ستة أعوام بهبوط المركبة «سبريت» على سطح المريخ مطلع عام 2004 بعد رحلة استغرقت عاما كاملا. وبعدها بنحو ثلاثة أسابيع، لحقت بها المركبة الثانية «أبورتونتي». وتمكنت العربتان من إرسال أكثر من 250 ألف صورة واضحة المعالم عن الكوكب، غطت خلالها أكثر من 21 كيلو مترا من سطحه. وبدأت في العاصمة الروسية موسكو أخيرا، تجربة محاكاة رحلة مأهولة إلى كوكب المريخ، بمشاركة ثلاثة رواد فضاء من روسيا ورابع من فرنسا وخامس إيطالي وسادس صيني. وسيتم إغلاق المركبة الفضائية على الرواد لمدة 520 يوما، وفقا لما نقله موقع دويتشه فيله الألماني على الإنترنت. وخلال هذه الفترة، لن يرى رواد الفضاء أحدا «من الأرض»، حيث سيقضون في المركبة الوقت اللازم للرحلة إلى المريخ والهبوط على سطحه ثم العودة إلى الأرض، كما لن يرى الرواد ضوء النهار خلال هذه المدة. وستحاكي التجربة طبيعة الحياة والعيش داخل سفينة فضاء أثناء رحلتها إلى المريخ، بما فيها الهبوط على سطح الكوكب، لكنها لن تشتمل على الوجود في حالة انعدام الوزن طوال الوقت. وكان رواد الفضاء الستة خضعوا لفحوص طبية في مختبر الجهاز التنفسي في موسكو لاختبار لياقتهم البدنية. والتجربة التي تشارك فيها وكالة الفضاء الأوروبية هي تمهيد للقيام برحلة مأهولة إلى المريخ في المستقبل. وكانت وكالة الفضاء الأوروبية، المشاركة في التجربة، قد بدأت البحث عن 12 متطوعا يتمتعون برؤية خاصة عن الكواكب ممن يبحثون عن الإثارة ولا يصابون بالملل بسهولة أو سرعة، في ظل ظروف «عزلة وانحباس تامين». وتلقت الوكالة أكثر من ألفي طلب خلال يومين فقط، معتبرة أن الردود كانت مثيرة للإعجاب. وكانت الوكالة بدأت العمل على هذا المشروع، الذي أطلق عليه اسم «المريخ 500» بالتعاون مع معهد المشكلات الطبية الحيوية في موسكو. وتعد هذه التجربة هي الأطول بين التجارب التي أجرتها الوكالة التي تضم في عضويتها 17 دولة. وأخيرا، عندما تعود أمريكا لمواصلة نشاطها في استكشاف الفضاء، فإن التحدي الأوروبي المقرون بوجود العملاق الصيني قد يدخل مرحلة متقدمة بما في ذلك التعرف على المنطقة المظلمة .