أزمة خانقة تهدد مسيرة تسعة أندية سعودية من أصل 14 تبحث عن المنافسة في دوري زين السعودي للمحترفين، تتمثل في عدم وجود راع أو شريك استراتيجي يدر عليها ملايين الريالات مقارنة بالخماسي الهلال والاتحاد والنصر والشباب والأهلي الذين يحظون بدعم شركتي موبايلي والاتصالات السعودية (stc). وعلى اعتبار أننا نعيش حاليا مرحلة مهمة تشكل نقلة جزئية نحو الخصخصة تبقى مسألة رعاية الشركات للأندية حجر عثرة يهدد اكتمال الصورة الحقيقية للاحتراف السعودي رغم ازدحام السوق بعشرات الشركات التي تحقق مداخيل مالية عالية. وقبل طرح المشكلة والخوض في الحلول توجهت «شمس» إلى المدير التفيذي لهيئة دوري المحترفين لسؤاله عن مصير الأندية التي ليس لها رعاة ليرد بأن هذا دور إدارات الأندية التي تبحث عن رعاة مع محاولة الهيئة دعمهم من خلال تنظيم عملية تسويقية لتحقيق الفائدة للأندية والدوري والشركات. هروب من المسؤولية ويصف رئيس نادي الاتفاق عبدالعزيز الدوسري معظم القطاعات بالسلبية التي تستفيد ولا تفيد الأندية: «القصور من الشركات بما فيها الاتصالات التي استثمرت في أندية محددة وهناك قطاعات كثيرة من الممكن أنها تدخل في رعايات الأندية ولكن للأسف جميعها قطاعات سلبية، حيث تستفيد من البلد ولم تفد الأندية بشيء وقطاع الاتصالات لن يرعى جميع الأندية؛ لأنه يبحث عن مصلحته هو الآخر؛ ما أدى إلى تضرر الأندية الأخرى التي لا يوجد لها رعاة». وحول ما ذكره النويصر في أن المسؤولية على عاتق إدارات الأندية علق: «إلقاء التهم على الآخرين أمر سهل للغاية والأخ محمد عندما يأتي ويقول إن هذا دور الأندية لا أدري هل المسألة علاقات أم أنها استثمار؟! وعندما نتحدث عن العلاقات تصبح الأمور شخصية ولكن هل نأخذها من هذا المنظور أم أن دوره كهيئة محترفين أن يسوق منتج كرة القدم ويجب أن يتحمل محمد النويصر المسؤولية ولا يهرب منها بصفته مسؤولا كبيرا في الهيئة ولا يرمي بها على إدارات الأندية فقط لأنه الذي يسوق معنا». وأضاف: «إذا اعتمد العمل على العلاقات الشخصية فهذا أمر يسيء إلى مسؤولي الشركات ونحن لا نريد أن نرمي بالتهم على رؤساء الأندية الذين أمامهم مشاغل كثيرة ولا أنكر أن ذلك أحد مهامهم، ولكن يحتاجون إلى مساعدة لتسويق المنتج». وأوضح رئيس الاتفاق أن المسؤولية مشتركة بين النادي والهيئة: «عليهم التسويق من خلال دعاية للدوري ونحن نبذل جهودنا لتوفير رعاة وقد ننجح أو لا ننجح بشكل كامل وإن شاء الله تترجم مجهوداتنا بالنجاح». تحفيز الشركات ويصف رئيس نادي الرائد فهد المطوع عدم وجود رعاة بالمشكلة الكبيرة: «مشكلة كبيرة أن تجد فرقا لديها رعاية بعشرات الملايين وفرقا أخرى ليس لديها أي راع أو داعم، ويفترض أن تعطى الشركات مميزات تحفزها وتغريها لدخول الاستثمار؛ فعلى سبيل المثال تعطى الشركة نسبة أفضلية معينة عند الدخول في مناقصة معينة وفي النهاية تبقى خدمة للدولة سواء كان ذلك للشركة أو للنادي». وعن توجه شركات الاتصالات وحدها لرعاية الأندية بخلاف القطاعات الأخرى: «أرى أنه يفترض أن تستثمر الشركات الأخرى في المجال الرياضي ولو نظرنا إلى معظم دول العالم لوجدنا أن قطاع الاتصالات من أقل القطاعات مساهمة في استثمارات الأندية ويفترض أن الشركات التي لديها منتجات الألبان ومشتقاتها من الحليب والمشروبات الغازية والعصائر ترعى الأندية لأن معظم المهتمين بالرياضة من النشء والصغار، وهذه الأمور تحفزهم». ويعترف المطوع بالتقصير في عملية البحث عن رعاة: «قد يكون هناك تقصير من رؤساء الأندية وأنا لا أخفي هذا الأمر ولكنهم ضعفاء في الوصول إلى الشركات وإقناعهم، بينما أعتقد أن الإقناع لو يأتي من هيئة دوري المحترفين سيكون أقوى ولا مانع في الحصول على رعاية أكثر من شركة في وقت واحد وتكون شعاراتها جميعا على منتجات النادي الذي ترعاه وفي دول العالم تجد أكثر من أربع أو خمس شركات تعلن على القمصان من دون أي مشاكل، ولو أحضرت خمس شركات معا وقسمت مجموع مبالغ الرعاية التي تدفعها على الأندية التي ليس لديها رعاة بالتساوي ستكون فرصة جيدة للجميع». وكشف أن أول أمر بدؤوا فيه البحث عن رعاة، مشيرا إلى أنهم وصلوا إلى مرحلة متقدمة. مصالح شخصية أما رئيس هيئة أعضاء شرف نادي التعاون فهد المحيميد فأكد أن تسعة أندية من دون شركات راعية رقم كبير ومهول: «ربما يكون لدى خمسة أندية من التسعة مصادر دخل مساندة ولكن الأربعة المتبقية تعاني عدم وجود رعاة أو منشآت أو دعم وتحتاج إلى وقفة كبيرة جدا لإيجاد وسائل دعم ونحن لا نطالب الرئاسة العامة لرعاية الشباب بدعمنا بكل شيء لأن هذا مستحيل، ولكن على أقل تقدير تفتح المجال للأندية وتعطيها مساحة أكبر للبحث عن وسائل رعاية أو استخدام المنشآت الموجودة بأي شكل من الأشكال، ومن رأيي الشخصي أن الشركات الكبرى التي ترعى الأندية تجني مصالح شخصية من وراء هذه الرعاية ويفترض أن تجبر على رعاية ناد من كل منطقة على أقل تقدير إذا كانت لا تريد رعاية جميع الأندية». وربط المحيميد طلب الشركات من الدولة تقديم التسهيلات بما تقدمه للمجتمع: «بعض الشركات تطلب تسهيلات من الدولة التي لها حق عليها مثل الأراضي والمواقع وتسهيلات الكهرباء مع اختلاف تعرفة الشركة، والمصنع عن المواطن عن التعرفة السكنية، ولكن مقابل هذه التسهيلات ما الذي قدمته الشركات للمشتركين؟ هل رعتهم رياضيا أو تعليميا أو أكاديميا؟ أتمنى أن ترعى الشباب النشء على الأقل لأنهم إذا لم يجدوا رعاية رياضيا فقد يتجهون إلى اتجاهات لا يحمد عقباها. والشركات الكبرى لديها مصادر دخل كبيرة مثل أرامكو وغيرها وعلى أقل تقدير يفترض أن ترعى كل شركة ناديا واحدا ولو أخذت شركة من الشركات ناديا في كل منطقة سيتم تغطيتها جميعا بشكل جيد حتى إتمام دراسة الخصخصة». وطالب بدعم هيئة دوري المحترفين لإدارات الأندية، وأكد أنهم لن يرضوا في نادي التعاون بأي مبلغ: «سعينا في عملية البحث عن رعاة ولكن إذا لم تكن الرعاية مجزية ومرضية فلن نقبل بها مهما كان مبلغها ونحن لا نطالب بمبالغ مثل مبالغ النصر والهلال وغيرهم: «حنا على قدنا» ولكن على سبيل المثال إذا كان الهلال يتقاضى 50 مليون ريال فالتعاون يحتاج إلى 15 مليون ريال، أما إذا كان المبلغ أقل من ذلك فلا داعي له، ولن نقبل به و«حرام» نعطي رعاية لشركة لمجرد أنها تدفع مبلغا ضئيلا وتأخذ اسم النادي وتشغله موسما كاملا وربما تأتينا فرصة في منتصف الموسم أو الربع الأول منه ولا نستطيع الاستفادة منه لارتباطنا، والتعاون ناد كبير ويستحق الدعم ولديه جماهيرية كاسحة شاهدها الجميع عبر قنوات التليفزيون. أقسام للتسويق والاستثمار ويرى رئيس نادي القادسية عبدالله الهزاع ضرورة تطوير الأجهزة الإدارية في الأندية من خلال استحداث أقسام للتسويق والاستثمار لتولي النقاشات والمفاوضات مع الشركات شريطة أن يعمل فيها عناصر على قدر عال من الكفاءة؛ لأن ذلك يسهم في تحديد درجات الحلول لزيادة موارد الأندية: «لو تم إعطاء الأندية مساحة إضافية وسمح لها بإمكانية الاستثمار من خلال تعديل بعض القوانين فإن عددا كبيرا من الشركات ستبحث عن الرعاية فيها، كما أن الدور الذي يقع على النادي تحقيق الأرقام العالية من خلال الجماهير والحضور، وهي التي تحدد رغبة الشركات الراعية من عدمها، ولا شك أن العلاقات الشخصية ربما تحفز الشركات للرعاية ولكن ليس كل الأندية لديها علاقات مع الشركات الكبرى». وحول مسألة انفراد قطاع الاتصالات بالرعاية دون غيره من القطاعات: «ربما لا تريد القطاعات الأخرى أن تفتح على نفسها بابا في الاستثمار الرياضي مثل قطاعي البنوك والصناعات بمختلف أنواعها والشركات العاملة في مجال النفط والشركات التجارية وغيرها لأنهم لا يرون القطاع الرياضي محفزا لهم مع أن الإعلام في القطاع الرياضي من الممكن أن يحقق دعما دعائيا قويا وحتى قطاع التأمين يفترض أن يلتفت للأندية قليلا.. وربما لا يعرف البعض أن التواجد في القطاع الرياضي يحفز الكثير من القطاعات للدخول فيه خاصة أن عوائد أي مبلغ يصرف في الرياضة كثيرة لأن نسبة المشاهدة في قطاع الرياضة تتعدى 60 أو 70 % من مجمل سكان المملكة وما دام القطاع الرياضي يحقق هذه الأرقام العالية فيفترض أن ينعكس ذلك على القطاعات الأخرى وتتجه إليه لأن العوائد ستكون أضعافا مضاعفة والصرف على الإعلانات التلفزيونية في المجال الرياضي مباشرة يعطي عائدا أكبر من الإنفاق لأن أي شيء يعلن في الرياضة ينتشر بسرعة. ألوان بنك البلاد وأخيرا يؤكد رئيس نادي الفيصلي فهد المدلج أن الشركات تأخذ ولا تعطي: «لو تكلمنا عن مجتمعنا فنجد أن الشركات الكبرى من مصانع وبنوك تأخذ من شباب المجتمع السعودي الكثير من الأموال من خلال استهلاك منتجاتها ولكن دون دعم اجتماعي وأتمنى أن يرعى كل مصنع ناديا رعاية اجتماعية لكي يعطيه هذا النادي توهجا إعلاميا، حيث إن دعاية مصنع أو بنك على صدور اللاعبين خلال المباريات المنقولة تعطي المصنع بعدا إعلاميا على المستويين الخليجي والعربي، خاصة أن الدوري السعودي متابع في جميع أنحاء العالم». ويبدي المدلج تفاؤله بالمستقبل إذا أمسك الشباب بدفة إدارات المصانع والشركات الكبرى: «بعد عدة أعوام إذا استلمت إدارات المصانع كوادر شابة غير وجوه أصحاب «البزنس» الذين هدفهم الوحيد رفع الرصيد المادي في البنك دون النظر إلى مجتمع الشباب والأساس الذي يتعرض لحروب من بعض الدول من خلال المخدرات وغيرها ربما نجد من يدعم مجهودات الأندية اجتماعيا وماديا ويتواصل عطاؤها لشغل فراغ الشباب سواء كان في اللعب أو المدرجات وإبعادهم عن الانجراف وراء المخدرات وغيرها». وأضاف: «يكفي أن رعاية الأندية تمنح الشركات تسويقا إعلانيا ودعائيا وأتمنى مثلا من رئيس مجلس إدارة بنك البلاد الذي لونه العنابي شبيه بلون الفيصلي أن يرعى نادينا خاصة أن لدينا 30 مباراة منقولة على الهواء مباشرة من غير الإعادات واللقاءات التليفزيونية والصحفية والحافلات المتنقلة للاعبي الفريق والجماهير طوال عشرة أشهر خاصة أن هناك تناسقا في الألوان بين الجهتين». ويرى أن بنك البلاد يصرف على حملاته الدعائية أكثر من 95 مليون ريال: «لك أن تتخيل لو أعطوا الفيصلي مقابل الرعاية خمسة ملايين ريال كبداية شراكة فكم يجدون من دعاية طوال العام؟ وأتمنى من كل بنك أن يحتضن ناديا أو ناديين». وكشف المدلج أن لديهم ملفا جاهزا سيعملون على تسويقه إلى بعض البنوك والشركات والمصانع السعودية: «إذا لم نجد الدعم والمساندة سنضطر للاتجاه إلى بعض الدول الخليجية لاستقطاب شركاتها وبنوكها ومصانعها خاصة أن المباريات أصبحت منقولة على قناة الجزيرة الرياضية وجميع الدول تشاهده ومن المؤكد أنهم يرحبون بالاستثمار في السوق الرياضية». وفيما يتعلق بمسؤولية توفير الراعي للنادي أوضح: «المسؤولية مشتركة بين الجميع.. وبما أن الاتحاد السعودي لكرة القدم مسؤول عن موارد النقل التليفزيوني ومخصصاتها يفترض أن يكون شريكا رئيسيا في إيجاد الشركات الراعية»