ازدانت محال المواد الغذائية، في جميع المناطق بالعديد من الإعلانات الترويجية للبضائع رخيصة الثمن، معلنة جهرا تبنيها لسياسة تخفيض الأسعار للمستهلكين، فيما تخفي باطن الرغبة في تفريغ مستودعاتها من كل البضائع القديمة، قبل انتهاء الصلاحية. ويبدو أن اتفاقا مبطنا جرى بين تلك المحال الشهيرة والشركات الأشهر، لتخفيض الأسعار لما يصل إلى النصف تقريبا، لمضاعفة الرغبة على الشراء، وتحفيز المستهلك على تخزين المنتجات، على الرغم من أن تاريخ انتهاء الصلاحية لن يسعفه في الانتظار طويلا، لينتهي جشع التجار وخداع الشركات وشغف المستهلك بحالات تسمم ربما قادت إلى المقابر. فهل الأمر لا يعدو كونه جهلا من المستهلك بقيمة تواريخ الإنتاج والصلاحية، أم يتعدى ذلك إلى المؤامرة لتسميم المستهلكين، وأليست الشركات والمحال بريئة من تعمد القتل، ولا تتحمل مسؤولية جهل بعضهم، في إطار عرضها المنتجات بصورة شفافة، لا غموض فيها؟ ولكن ما دامت الرقابة على المنتجات خصوصا الغذائية وصلت إلى مرحلة متقدمة بأفضل الآليات، فما المبرر إذن لوجود بضائع نصف صالحة في أرفف تلك المحال؟ “شمس” استغلت تزاحم الناس على محال المواد الغذائية لشراء الاحتياجات الشهرية، وواجهت العديد من المستهلكين بحقيقة تواريخ الصلاحية، وسجلت الانطباعات: التسمم أحيا مخاوفي نزار محروس يرى نفسه أحد المهتمين بمسألة تاريخ الإنتاج والصلاحية، على أي عبوة أو صنف يريد شراءه، مهما كان النوع، ويعتقد أن هناك خللا من الكثير من المتسوقين الذين لا يبالون بهذه التواريخ، وقال “للأسف الغالبية العظمى لا تفحص تاريخ المنتج الذي تشتريه، خصوصا في المحال الكبيرة ذات السمعة والشهرة، وكأن الأمر لا يعنيهم من قريب أو بعيد، والغريب أن التجاهل لا يقتصر على المواد الغذائية بل يمتد حتى للأدوية، مع أن الجميع يعلم عواقب ذلك. وأشار إلى أن كثرة الأصناف التي يشتريها الزبائن تجعلهم يتجاهلون تواريخ الصلاحية، إلا أن هذا يجب ألا يكون المبرر للتجاهل. وأوضح أن سبب حرصه نجم إثر حوادث التسمم التي تابعها في وسائل الإعلام، والتي راح ضحيتها العديد من الناس بسبب تجاهل قراءة مجرد تاريخ، لا يستغرق زمنا من أحد. مظاهر الاستغفال واتهم محمد بادغيش جهات لم يسمها بتحمل مسؤولية ما يحدث من جهل بموضوع تواريخ الصلاحية، فيما حمل المحال التجارية المسؤولية الجنائية في أي حادث قد يقع نتيجة لانتهاء صلاحية المواد الغذائية، مبينا أنه إذا كانت الأمانة أو البلدية تعاقب المطاعم التي تتسبب في التسمم الغذائي، فمن باب أولى أن تطبق العقوبة نفسها مع المحال المتجاوزة، والتي لا تراعي تجديد السلع الاستهلاكية، لأنه يجب ألا نضع اللوم على المستهلك وحده، فهناك كبار السن، والأميون الذين يشترون السلع بعفوية، قد تنتهي بهم إلى المستشفى، لذا فما ذنب هؤلاء؟. وأوضح أن من مظاهر الاستغفال التي تمارسها بعض المحال التجارية، خصوصا الكبرى الإعلان عن تخفيضات في السلع بما يصل إلى النصف، وهنا يتبارى المستهلكون على الشراء، ليتضح في النهاية أن المعروض ليس سوى مواد أوشكت على الانتهاء، أو بالأحرى انتهى بعضها فور محاولة استخدامها، لأنه ليس معقولا أن تعرض مسحوق عصائر على سبيل المثال ذا عبوة كبيرة، وتطالب المشتري باستهلاكها خلال أسبوع أو عشرة أيام، وإلا يعد هو المتسبب في التسمم لأنه تأخر في استهلاكها خلال زمن الصلاحية. وأضاف: الغريب أننا لا نجد اهتماما أو رقابة من الجهات المختصة، لردع هؤلاء، الأمر الذي يوسع من عملية الخداع من محل إلى آخر، والضحية المستهلك المسكين الذي يعتقد أن اسم المحال الكبرى كافيا، لتجنيبه أي خداع، فيقع في الفخ. واعتبر أنه على يقين بأنه لو اهتم المستهلك بعملية صلاحية الإنتاج، لاتسعت مخاوف المحال المتلاعبة، ولاحترمت المحال الأخرى حرص المستهلك، وخشيت على سمعتها وبادرت باستبعاد البضائع منتهية الصلاحية من أرفف العرض. النساء أحرص وتميز أمل الجدعاني الجنس الأنثوي في رجاحة العقل بشأن التسوق، والتعرف على الأفضل والأجود، مشيرة إلى أن ثقافة الشراء وفحص المواد قبل اقتنائها تختلف بين الجنسين، “فأغلبية الرجال كارهون لأماكن التسوق، ويتمنون الشراء في دقائق معدودات، عكس النساء اللاتي لا يشترين أي منتج إلا بعد فحص وتمحيص، لأنهن الأكثر حرصا في هذا الجانب، بالإضافة إلى علمهن بخطورة التفريط في هذا الجانب، حيث فداحة النتيجة”. وأشارت إلى أن باب التهاون لا يمكن تقبله إذا كانت النتيجة نهايتها إهدار روح ثمينة، ولا معنى للوقت إذا كان لا يفيد الأسرة في التأكد من صلاحية ما تأكله وتشربه، ولا تهاون بسبب التملل من البقاء في الأسواق، مبينة أن الأجانب في الغرب يستفسرون عن كل صغيرة وكبيرة حرصا على سلامتهم، لكننا نتجاهل السؤال بلا مبرر سوى ضياع الوقت.