أن تودع أهلك قائلا : سأسافر على متن الخطوط السعودية.. يعني أنك ستطير على مسافة 20 ألف قدم منزويا مع آخرين بباص أنبت الله له جناحين.. وتعني أيضا أنك ستسمع تلك المضيفة تخاطبك بتأفف: قم هناك..! وقم هناك، تلك تعني أنك ستكون ضمن عشرات الركاب الذين سيجرى تبديلهم كأحجار شطرنج.. وإن اخترت - بمحض حظك التعيس - أن تمتطي الدرجة الأولى فستختار أن يفصلك بينك وبين من خلفك ستارة قاتمة بدون “شيفون”.. وستواصل اختياراتك السيئة حين تغمض عينيك المجهدتين قبل أن تقفز لرأسك صورة الشاشة التي كتب عليها طوال ساعات: تم تأجيل الرحلة..! بعدها تسمع صوت الكابتن مجلجلا: على السادة المسافرين سرعة فك أحزمتهم والنزول لدف الطائرة.. تنهض مفزوعا لتكتشف أنه لم يكن إلا كابوسا.. حتى وإن تيسرت الأمور حينها وأقلعت على بركة الله.. فقد لا تتيسرعند هبوطك.. لأنك لاتعلم أين تذهب عند خروجك من ذلك الباص الطائر ولا أي ممر ستعبر.. ماتعلمه تماما هو أن تسير خلف الجموع .. تتجه أينما اتجهوا، وأن ذلك الموظف الذي يبدو أنه “كاره عيشته” سيصرخ بك: من هنا.. هيه أنت.. من هنا السعوديين.. وأنت صديق.. هيه.. من هناك.. هناك..تشعر حينها بأن لاشيء يريد عودتك..والا أحد سيبتسم لك قائلا: الحمد لله على السلامة.. إلا بعض “الكدادة” الذين يتناولونك كغنيمة مرددين: تاكسي يالحبيب..! تحس بوخز من البهجة كونك أصبحت أخيرا مسافرا هناك من يهتم به..!