يعيش كُتّاب الدراما حالات نفسية خاصة عند كتابتهم الأعمال الدرامية التلفزيونية، هذه الحالة تنعكس على حياتهم الشخصية، وتؤثر على تفكيرهم، ويكون لها أعراض انسحابية وتصرفات لاشعورية، تنتاب كاتب المسلسل الذي يعيش فترة ما بين شهرين إلى أربعة أشهر مع شخصيات العمل، يحركهم في ذهنه وينتج من هذه الحركة ترجمة للأفكاره على الورق، هذه الطقوس والحالات النفسية تعودوا عليها إذ يتحرّكون بأمر بنات خيالهم وأفكارهم، الجمهور لا يعلم عم هذه الأمور شيئا، “شمس” توغلت في العالم المغيّب لكتاب الدراما، ولا مست شعورهم النفسي عند لحظات البداية والنهاية لكل عمل.. وتحدثوا لها بكل شفافية.. في البداية تحدث الكاتب سعد المدهش، وقال: “بمجرد أن ترد الفكرة لدى الكاتب تجده في حالة رصد فكرية متواصلة طوال اليوم، وقد يسرح كثيرا حتى وهو جالس برفقة عائلته؛ نظرا إلى أنه في بداية امتزاج وتعايش مع القصة”، وأضاف: “وفي كثير من الأحيان يخلق الكاتب لنفسه شخصية تتكيف مع القصة التي يكتبها، ويتقمصها، وذلك من أجل رصد كل شاردة وواردة تتعلق بالعمل، وقد حدث لي أكثر من مرة، فأذكر أن لدى كتابتي مسلسل (المقطار)، الذي قام ببطولته الفنان حبيب الحبيب وأخرجه الكويتي حسين ابل (سيعرض على قناة إم بي سي في الأيام المقبلة) تقمصت ووضعت بيتا لي في الحارة التي تضم كل الشخصيات، وذلك حتى أتعايش معهم (طبعا بيت في مخيلتي)، وكنت أحيانا أستيقظ من المنام لرؤيتي مشهدا من العمل، وأكتبه، ثم أواصل النوم، والشاهد في هذا الحديث أن الكاتب يسرح بخياله، وينقاد في طريق لامحدود أثناء كتابته، وتستمر هذه الشخصيات مع الكاتب حتى بعد نهاية الكتابة إلى فترات”، وواصل المدهش حديثه: “في الحلقة الأخيرة من مسلسل (المقطار) بكيت في اللحظات الأخيرة لكتابة العمل، وكأنني في لحظة وداع وحنين وشوق للشخصيات التي كنت أتخيلها وأحركها على الورق”. وعند سؤاله عن إذا ما كان يخشى من إصابته بانفصام في الشخصية لكثرة هذه التخيلات وتقمص الشخصيات؟ قال: “تقمص الشخصية أو العيش مع شخوص العمل مثلما يحدث مع الممثل بالضبط عندما يتقمص شخصية في المسلسل، وتلازمه هذه الشخصية حتى بعد نهاية العمل، وفي النهاية لست بحاجة إلى طبيب نفسي، لأنه ليس لدي مرض”. من جهته، قال الكاتب عنبر الدوسري أحد كتاب ورشة مسلسل (طاش ما طاش): “إن الكتابة تعتبر حالة يمر بها الكاتب مثله مثل الشاعر عندما يكتب قصيدة، ويترجم فيها معاناة أو حدثا اجتماعيا”، وأضاف: “الكاتب الدرامي ربما يزيد على الشاعر كونه يعيش مع أشخاص عدة لفترة طويلة تمتد أحيانا إلى أربعة أشهر، فيأكل ويشرب معهم كل يوم حتى يصبح واحدا من هؤلاء الأشخاص، وهذا ما يعطي الكاتب الخيال الواسع في الحبكة الدرامية، وتخيل المشاهد بأسلوب قصصي مريح للممثل والمخرج”. أما الكاتب ندا العريفي أحد كتاب الأعمال الدرامية في السعودية والكويت فقال: “منطقيا لا بد أن يكون هناك تأثير، ولكن هذا التأثير وقتي سرعان ما يزول وبالعادة يكون التأثير إيجابيا، وهذا شيء جميل؛ لأن الكاتب يستفيد من جماليات الشخصيات الموجودة في العمل”، وفيما يتعلق بطقوسه أثناء الكتابة قال: “عندما تأتي الفكرة قد لا أكتبها بسرعة، وأنتظر طويلا؛ لأنني لدي نفس طويل في الكتابة، ولا أستعجل في ذلك، والغريب في الأمر أنني أكتب كثيراً في السفر وأنا في السيارة”، وأضاف: “أرى أن الكتابة تعتمد على المزاجية فمن الممكن ان أكتب وأنا في مكان يضج بالأصوات”.