بدت جدة من على ارتفاع 3500 متر عن الأرض، مدينة بائسة وقد خيم عليها البؤس، على الرغم من أجواء العيد التي أطلت أمس، بعد أن تسللت مياه الأمطار والسيول الناتجة عنها إلى مفاصلها وأصابتها بالكساح والشلل التام، حيث انتشرت البحيرات المائية وأنقاض السيارات وسرادقات العزاء، بعد أن ارتفع عدد وفيات الأمطار إلى 86 حالة. “ شمس” قامت بجولات عدة ميدانية على عدد من أماكن إيواء الأسر المتضررة في الشقق المفروشة من جراء الأمطار، حيث قال محمد صبري (عامل الاستقبال في إحدى الشقق المفروشة): إنهم “استقبلوا مساء أمس الأول عشرة أسر سعودية وهم يقيمون إقامة مفتوحة غير محددة المدة؛ بناءً على اتفاق سابق مع الدفاع المدني”. مضيفا أن عدد أفراد الأسرة الواحدة يتراوح بين ثمانية وعشرة أشخاص لم يكونوا يحملون سوى بعض الأغراض البسيطة، من بينها بعض الملابس. فقدنا كل شيء أحد المتضريين ويدعى هاني قال إنه وأفراد اسرته (ثمانية أشخاص) حضروا للإقامة هنا بعد أن تضرر مسكنهم في قويزة بشكل كامل. مشيرا إلى أنهم فقدوا كل ما يملكون. أما عطية الغامدي (60 سنة) فقال وهو يجفف دموعه: “فقدنا من أفراد عائلتنا ثمانية من أبناء عمومتنا؛ حيث جرفتهم المياه بينما كانوا نائمين فلم ينجُ منهم أحد، وأدينا عليهم الصلاة ظهر أمس”. وأضاف أنه يقيم الآن في شقة مفروشة مع ستة من أفراد أسرته، لكنه يشعر بالخوف الشديد. أما أحمد الزهراني (مقيم بشقة مفروشة) فإنه رأى بعينه جثة طافية لطفلة عمرها نحو ست سنوات لا يعلم من أين أتت؛ فهي ليست من بنات الحي، وقد هرعنا ومجموعة من سكان الحي على الفور وانتشلناها وسلمناها للدفاع المدني”. هربنا إلى السطح ذكرت أم محمد (55 سنة)، أن المياه داهمتهم فلم تستطع هي وبناتها الخروج، حيث أغلق الباب عليهن فاضطررن إلى الصعود إلى سطح المنزل الذي شعرنا بأنه كاد أن ينهار بنا قبل أن تنتشلنا طائرات الدفاع المدني. وقالت: “إن إحدى جاراتها فقدت ثلاثا من بناتها بعد أن انهار عليهن سقف منزلهن”. وأشار وائل المطيري، وهو عريس جديد، إلى أنه فقد كل شيء وأتلف منزله بكل أثاثاته وأجهزته الجديدة، إضافة إلى سيارته. وقال: إنه “كان يشاهد قطع الأثاث وهي تطفوا أمام عينيه في طريقها إلى الخارج بفعل قوة تيار المياه؛ ما دفعه وزوجته إلى الصعود إلى سطح منزلهما حتى أنقذهما الدفاع المدني”. من يعوضنا؟ أما وائل، فذكر أنه يعمل معقبا ويملك مستندات وأوراقا تثبت حقه وحق عملائه في بعض الأملاك تقدر بأكثر من مليوني ريال، ذهبت مع السيل.. ولا يدري كيف سيعوض كل هذه الخسائر؟! وأضاف عادل خالد المطيري أنه حضر إلى أحد مباني الشقق المفروشة هو وأفراد أسرته بعد أن تعرض منزلهم في قويزة للانهيار. مشيرا إلى أنه كان يعمل في خدمة الحجيج وأراد العودة إلى جدة، لكن كانت الطرقات مغلقة فاضطر للمشي نحو 13 كيلومترا إلى أن وصل إلى منزله الذي وجده حطاما.