قلم رصاص في يدي، وورقة بيضاء ملقاة أمامي، ويدي منسابة كأنها يد مايسترو في فرقة موسيقية.. لستُ مسكونا أو مأسورا بأي موضوع محدد.. ها هنا الآن على الورقة أصابعي ترسم شيئا يشبه وجه شارلي شابلن لم يخطر صدقا ببالي أن بالي يخاطب أصابعي لترسم صورته، رغم حبي الشديد وولعي بهذا الفنان العظيم.. ممثلا.. مخرجا.. كاتبا.. مؤلفا موسيقيا.. صعلوكا ومتشردا.. وناقدا.. صاحب لغة بسيطة تجمع كل الفئات وتتجاوب معه.. هل عناه المتنبي عندما قال: “أنا الذي نظر الأعمى إلى أدبي وأسمعت كلماتي من به صمم”. شارلي العزيز إيماءاته الذّكيّة.. مشاعره العميقة.. سخريته الواعية التي تخفي إدراكا كبيرا لشؤون المجتمع.. و.. ما لا يجب أن ننساه.. الجماليّة الكبرى.. غير أنني تساءلت: لماذا أصابعي اقتلعت صورته من أعماقي اللاواعية.. ورمت بها على هذه الورقة؟! ربّما لأنني، هذه الأيام، أعيش حالات.. مواقف.. مشاهد.. ليست جديرة سوى بالسخرية.. السخرية.. ولا شيء غير السخرية.. من “فكاهجيّة” أو على حدّ تعبير أحد الأصدقاء “تفاهجية” قنواتنا التلفزيونية.. الذين يبالغون في تبديل أصواتهم.. وماكياجاتهم.. وأزيائهم.. في حركات سمجة.. ثقيلة الظل.. تبعث على الغثيان في حين يكتفي شارلي شابلن بزيّ وحيد.. وبماكياج وحيد.. وبصمت ناطق لا شيء يدعو إلى الاستغراب حقا! رؤية: رعد الجابر