ينشط موردو وباعة الألعاب النارية (الطراطيع) هذه الأيام في توزيع كميات كبيرة من بضائعهم في مختلف المدن السعودية بمناسبة قرب حلول عيد الفطر الذي يعد من المواسم الأكثر ربحية لهذه التجارة النارية التي تشكل خطرا كبيرا على الأطفال وعلى الممتلكات. فيما تقوم الجهات الأمنية في المقابل بجهود مكثفة لضبط تلك الألعاب والوصول إلى مورديها ومخابئها. إشارات سرِّية وفي جدة ينتشر شباب في الشوارع المؤدية لوسط البلد ويجذبون الأنظار نحوهم بحركات غريبة وإيماءات متفق عليها.. وحين تقف وتسأل أحدهم يلقي على مسامعك عدة أسماء فلا تدري هل هو بائع خضار وفاكهة أم أقراص ممغنطة، فما بين الكمثرى والثوم مرورا بمعتز ومناحي ودنحي والواصل ومفرح ولميس ونور فلا تملك إلا أن تقف حائرا. أحدهم عرض علينا بضاعته واصطحبنا لسوق الحمام وسط البلد، وهناك تسلمنا شخص آخر وإذا بنا بالقرب من كراتين تحتوي على ألعاب نارية خصصت للاحتفال بالعيد. ويقول أحمد صالح (بائع) إن الكثيرين يحرصون على تلبية رغبات أبنائهم بالحصول على هذه الألعاب. وذكر أن لكل عام مسميات جديدة فمثلا اسم (لميس) أطلق على لعبة نارية تحدث أشكالا جميلة في السماء، و(أبو شهاب) على لعبة نارية أخرى قوية الصوت وهكذا.. هوامير النار بائع آخر ذكر أن عالم الألعاب النارية أشبه ما يكون بأجواء المافيا أو العصابات؛ فهناك أشخاص نسميهم “هوامير” يحضرونها لبعض الباعة القديمين وهم بدورهم يبيعونها لنا.. وجميع تلك الألعاب تصنع في الصين. مشيرا إلى أنهم يحضرونها في سيارات خاصة قبل رمضان ويتم تخزينها في مستودعات داخل البلد حتى يأتي موسم العيد. وبعد عدة محاولات استطعنا الوصول إلى أحد كبار الموزعين (35 عاما) فقال إنه يأتي بحصته من أشخاص يتعامل معهم باستمرار يهربونها من الخارج، مضيفا أن أرباحه اليومية تتراوح ما بين خمسة وسبعة آلاف. عدنا إلى أحمد صالح من جديد لنطرح عليه التساؤل فقال إن الشباب المنتشرين على الطرق الرئيسية يقومون بدورين فهم يجلبون لنا الزبائن وينبهوننا في الوقت نفسه حين تأتي “الحكومة”. أما الأسعار فتتراوح ما بين 50 و300 ريال والأطفال هم أكثر الفئات إقبالا على الشراء بصحبة آبائهم الذين يرضخون لرغباتهم. وهناك من يتنقلون من بائع إلى آخر باحثين عن الجديد والأرخص، وهم ينقسمون إلى فئتين؛ فئة تأخذ البضاعة للتجارة بها في الأحياء الشعبية خارج البلد، وأخرى تشتريها لأبنائها. محمد الجيزاني حضر إلى المكان واشترى كمية كبيرة ليبيعها على أبناء حارته بهامش ربح قليل بسيط، لكنه يساعده على قضاء حاجيات العيد، مشيرا إلى أنه يتعامل مع أشخاص منذ أكثر من عشر سنوات. فرحة (نارية) أما فهد الحارثي فكان بصحبته ثلاثة من أطفاله وجاء يبحث عن جديد الألعاب النارية فقال إن هذه الألعاب تمثل فرحة العيد للأطفال، مشيرا إلى أن مهرجانات العيد نفسها تطلق الألعاب النارية. وفي خميس مشيط ينشط باعة الطراطيع في الأسواق الشعبية الرمضانية ووسط البلد بشكل لافت ويروجون لبضاعتهم بين الأطفال الذين يلحون على آبائهم بشرائها. وقد أطلق الباعة على تلك الألعاب النارية مسميات جاذبة منها الفراشة والفحم والمدرعة والبازوكة.. بل إن هناك ألعابا لها منصات إطلاق وتتفاوت أسعارها من خمسة ريالات إلى 140 ريالا. وذكر كل من أحمد علي وعبدالله الشهراني أنهما حريصان على شراء الألعاب النارية الأقل خطرا حتى يفرح الأطفال بها، وأشارا إلى أنهما يحرصان على شرائها مبكرا قبل أن ترتفع أسعارها خاصة في أواخر رمضان. توعية ب(الصوره) وذكر الرائد محمد عبدالرحيم العاصمي الناطق الإعلامي لمديرية الدفاع المدني بمنطقة عسير أن المديرية تعمل توعية مستمرة للمخاطر، ومن ضمنها مخاطر الألعاب النارية سواء عن طريق اللوحات النقطية المتواجدة بمكان بارز بالتقاطعات. وأضاف أنه يتم أيضا استخدام الصحف اليومية وموقع المديرية العامة على الإنترنت، وكذلك عن طريق توزيع البروشورات والمطويات والصور الهادفة من خلال المعارض والمناسبات، التي كان آخرها المعرض التوعوي الذي أقيم بمركز عسير مول التجاري خلال هذا الشهر. ولفت إلى المتابعة والتنسيق مع الجهات الأمنية لضبط تلك الألعاب ومصادرتها.